كبير بعض أسرار الوحدة الشاملة، ولقد حاولت في هذا التفسير أن أسدّ هذه الثغرة لاعتقادي أن أسرار الوحدة القرآنية لا يُحاط بها" (١).
وجدير بالذكر أن تفسير البقاعي "نَظْم الدرر في تناسب الآيات والسور" كان في طور الطباعة حين كتب الشيخ تفسيره، ولم يكن قد اطلع عليه بعد.
كما كثرت الشبهات حول القرآن، ومن آخرها وأعجبها ما تثيره الآن أكثر دوائر الكفر بشكل مهذب أو وقح حول الوحدة القرآنية، وأن القرآن بشريّ الصدر كونه نزل منجمًا، حيث لا ترابط بين أجزائه، فرأى - رحمه الله - أن هذا الأمر، وإنْ كان من أعظم مظاهر الإعجاز إلا أنه يحتاج إلى بيان، ويرى أن الله منَّ عليه فسدّ هذه الثغرة مصحِّحًا الكثير من الغلط في هذا الشأن ومضيفًا أشياء كثيرة لم يسبق إليها، فلم يطرقها أحد قبله (٢).
وبناءً على اعتقاد الشيخ بقصور المحاولات السابقة قدّم نظرية شاملة تربط أجزاء القرآن بعضها مع بعض، فربط بين آيات السورة الواحدة، وبين سور القرآن على ضوء هذه النظرية الشاملة، فلم يكتفِ ببيان مناسبة كل سورة للتي قبلها، وإنما حاول الربط بين السور غير المتتالية كذلك، فكان يبين علاقة السورة بمجموعتها وعلاقة السورة بقسمها وبمحورها من سورة البقرة، ويشير إلى التناسب بين الفقرة والفقرة، وبين المجموعات، وبين الفقرة ومجموعتها.
ويرى الشيخ أن تغطيته لهذا الموضوع لها فوائد عدة، ذكرها متفرقة في مقدمة التفسير، نجملها بما يلي:
• تلبي مطلبًا من مطالب عصرنا.
• تروي ظمأ طلاب العلم والباحثين عن دقائق أسرار هذا القرآن.
(٢) انظر: مقدمة "الأساس"، ١/ ١٨.