الأولى من سورة البقرة، فقال: "إن هذه المعاني التي ذكرتها الآيات الأولى من سورة البقرة عليها مدار الإسلام كله، فبقدر ما تتعمق معانيها في النفس البشرية وتتضح، يكون الإسلام قائمًا والأمر مستقيمًا" (١).
والسبب الذي من أجله جعل الشيخ سورة البقرة هي الأساس والمرجع مجموعُ الأحاديث النبوية التي وردت في بيان فضل السورة، منها قول النبي - ﷺ -: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه شافع لأهله يوم القيامة، اقرؤوا الزهراوين، البقرة، وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طير صوافّ يحاجان، عن أهلهما، ثم قال: اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة"، ومنها: "إن لكل شيء سنامًا، وإن سنام القرآن البقرة، وإن من قرأها في بيته ليلًا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام"، وغيرها من الأحاديث الشريفة.
ولكن... ومع فضل سورة البقرة إلا أن رجعَ كلِّ سورة قرآنية إلى محور منها فيه تكلف ظاهر، إذ إن آيات القرآن الكريم كلها مترابطة ومتشابهة من حيث المضمون والمعنى، فالوعد والوعيد، وقصص السابقين، والتذكير بنِعَم الله، والعبادات والعقائد كلها معانٍ مشتركة بين سور القرآن الكريم، فلا وجه لجعل سورة البقرة بالذات هي الأساس التي ترجع إليها بقية السور، وإن كان لا بد من جعل سورة هي الأم والمرجع، فسورة الفاتحة هي أم الكتاب، وقد تحدث العلماء عنها قديمًا، وبيّنوا اشتمال آياتها للمقاصد الأساسية في القرآن الكريم.
وهو يربط كذلك بين السور، من ذلك ما قاله حين ربط بين سورتي الحاقة والواقعة: "... يبقى أن نتساءل عن سر التشابه بين سورة الحاقة وسورة الواقعة؟ أقول: إن اليوم الآخر يدفع للعمل كما يدفع للإيمان، وقد جاءت سورة الواقعة تفصّل في ما بعد مقدمة سورة البقرة، وجاءت سورة الحاقة تفصّل في مقدمة سورة