وفي تفسيره آية الكرسي بيّن الشيخ منهجه في التعامل مع الإسرائيليات، قال: "إن الروايات عن بني إسرائيل فيها من سوء الأدب مع الله ورسله الكثير، وفيها من الجهل بالله ورسله الكثير، فإذا ما أردنا أن ننقل، فلننقل مع البيان الناصع والرد القاطع، أو فلننقل ما يتفق مع الحق، مع عزو إلى مصادره، دون أن نحمّل أنفسنا مسؤوليته" (١).
فيُحمل رفضه الإسرائيليات على أنه رفضٌ لما عُلم كذبه منها، وناقَضَ ما عرفناه من شرعنا، ويُحمل تجويزه الاستئناسَ بشيء منها على أنه تجويز لرواية ما وافق ديننا، ولكن يؤخذ عليه - رحمه الله - اعتماده على ما جاء في التوراة في الاستشهاد على بعض القضايا، وكان حريًا به أن يقتدي بابن عباس -رضي الله عنه - حين قال: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزله الله على نبيه - ﷺ - أحدثُ الأخبار بالله؟ تقرؤونه لم يُشَبْ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدّلوا ما كتب الله، وغيّروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا رجلًا منهم قط يسألكم عن الذي أنزل إليكم" (٢).
وسننقل بعض ما ورد في هذا التفسير مما أُخذ من التوراة عند حديثنا عن استطرادات الشيخ.
مصادره:
لا بد للمفسر - أي مفسر - أن يستأنس بأقوال من قبله من المفسرين المشهورين، فلا يصح إهمال ما وصلوا إليه، وإنما ينبغي أن تذكر أقوالهم، وتُناقش،

(١) الأساس، ١/ ٥٩٩.
(٢) صحيح البخاري، كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنّة"، باب قول النبي - ﷺ -: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء"، رقم ٦٩٢٩.


الصفحة التالية
Icon