أي: ألا تركبون، فاركبوا، وغير هذا من الأبيات مما يَطولُ الكتابُ بذكره (١).
وقيل: هي أسماء السور (٢).
قيل: فإن قيل: فهلَّا جاءت على وتيرة واحدةٍ، ولِمَ اختلَفت أعداد حروفها، فوردت ﴿ص﴾، و ﴿ق﴾، و ﴿ن﴾ على حرف. و ﴿طه﴾، و ﴿طس﴾ و ﴿يس﴾، و ﴿حم﴾ على حرفين، و ﴿الم﴾، و ﴿الر﴾، و ﴿طسم﴾ على ثلاثة أحرف. و ﴿المص﴾، و ﴿المر﴾ على أربعة أحرف. و ﴿كهيعص﴾، و ﴿حم (١) عسق﴾ على خمسة أحرف؟
قيل: هذا على عادة افتنانهم في أساليب الكلام، وتصرفهم فيه على طرق شتَّى ومذاهبَ، وكما أن أبنية كلماتهم على حرف وحرفين إلى خمسة أحرف لم تتجاوز ذلك، سُلِك بهذه الفواتح ذلك المسلك (٣).
﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ذَلِكَ﴾ ذا: اسم إشارة مبهم مبني، وسبب البناء فيه وفي نظائره: أنه لا يلزم المسمَّى، والأسماءُ أصلها أن تلزم المسميات، ألا ترى أن الرجل، والفرس لازمان لما وضعا عليه في أول الأحوال، وكذا نحو: زيد، وعمرو، وكذلك المضمرات بنيت لهذا السبب.
والاسم من ﴿ذَلِكَ﴾ عند أهل البصرة: (ذا)، وعند أهل الكوفة:

(١) انظر شواهد أخرى في كتاب سيبويه ٣/ ٣٢١، وكامل المبرد ٢/ ٥٣١، والمحرر الوجيز ١/ ٩٦ - ٩٧.
(٢) انظر الطبري ١/ ٩٠، وتأويلات أهل السنة / ٣٥/، والنكت والعيون ١/ ٦٣، وعزاه لزيد بن أسلم، والبغوي ١/ ٤٤، وعزاه لمجاهد وابن زيد، وقال الزمخشري ١/ ١٣: وعليه إطباق الأكثر.
(٣) القول والرد عليه من كلام الزمخشري في الكشاف ١/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon