أقام، وهو فرع في الإعلال على (فَعَل) فلما أُعِلّ العين في قام، أعل أيضًا بعد دخول الهمزة عليه، وإنما كان فرعًا عليه، لأجل أن حرف العلة يَسْكُنُ ما قبله فيه، إذ الأصل: أَقْوَمَ بوزن أَكْرَمَ، والحركةُ في حرف اللين لا تُستثقَل عند سكون ما قبله، ثم نقلت الحركة من الواو إلى القاف، فصار أَقَوْمَ، ثم قلبت الواو ألفًا، فبقي أقام كما ترى، وحذفت الهمزة من المستقبل حملًا على أُقِيمُ أنا، والأصل: (أُأَقْيِمُ) فحذفت الثانية لما ذكرتُ قبيل من أن اجتماعهما مرفوض عندهم، ثم حُمِل عليه الباب، وإن كان لا تجتمع همزتان، لئلا يختلفَ البابُ، وقد ذُكِرَ.
وأما الواو فَعُمِلَ فيها ما عُمِل في ﴿نَسْتَعِينُ﴾ (١) وقد ذكر. ووزنه: يُفْعِلُون كيؤمنون.
وقيل: في معنى إقامة الصلاة وجهان:
أحدهما: تعديل أركانها، وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها، مِنْ أقام العُودَ، إذا قوَّمه (٢).
والثاني: الدوام عليها، والمحافظة عليها (٣)، كما قال عز وعلا: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ (٤). ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (٥)، من قامت السوق، إذا نفقت، وأقامها القوم، إذا استعملوها ولم يُعطِّلوها، لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي تتوجه إليه الرغبات، ويتنافس

(١) من سورة الحمد.
(٢) هذا الوجه لصاحب الكشاف ١/ ٢٢ بلفظه، وعبر عنه الطبري ١/ ١٠٤: بأدائها بحدودها وفروضها. وقال ابن الجوزي في الزاد ١/ ٢٥: تمام فعلها على الوجه المأمور به.
(٣) كذا أيضًا في الكشاف مع العبارة التي تأتي بعدها، وسبقه إليها الراغب (قوم) والبغوي، لكنه جمع الوجهين عندما قال ١/ ٤٧: أي يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها بحدودها وأركانها وهيئاتها. وجعل ابن الجوزي ١/ ٢٥ الإدامة وجهًا، والمحافظة وجهًا آخر.
(٤) سورة المعارج، الآية: ٢٣.
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٩.


الصفحة التالية
Icon