الإدغام، وذهبت لذلك من اللفظ، حذفت في الخط مع أن الجار والمجرور كشيء واحدٍ (١).
وأن تكون موصوفةً بمعنى شيء، أي: ومِن مالٍ رزقناهم، فتكون ﴿رَزَقْنَاهُمْ﴾ في موضع جر على أنها صفةٌ لـ (ما) لأن الجملة إذا وقعت بعد النكرة كانت صفة لها، وإذا وقعت بعد المعرفة كانت حالًا منها، وعلى القول الأول لا يكون لها موضع، لأن الصلة لا موضع لها.
وأن تكون مصدريةً، أي: ومِن رِزْقنا، أي: ومن مرزوقنا، تسمية للمفعول بالمصدر، كَخَلْقِ الله، وضَرْبِ الأمير (٢).
و(مِنْ) للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية، وذلك أنك إذا قلت: أنفقتُ من الدراهم، أَخبرتَ بأنها موضع إنفاقك، كما أنك إذا قلت: خَرجتُ من بغداذَ، كنت مخبرًا بأنها منشأ خروجِك، غير أنها أفادت في الدراهم التبعيض إذ كان ذلك ممكنًا فيها، ولم تفده في قولك: خرجت من بغداذَ، لأنك إذا فارقتها كنت قد فارقت جميع نواحيها. وهي متعلقة بينفقون، أي: ينفقون مما رزقناهم. وقُدّمَ مفعولُ الفعل للاهتمام به مع تشاكل رؤوس الآي (٣).
وأَصْل ﴿يُنْفِقُونَ﴾ يُؤَنْفِقُون، لأن ماضيه أنفق، وقد مضى الكلام على نظيره (٤).
واختُلف في المُنْفَق هنا، قيل: الزكاة المفروضة، لاقترانه بأخت الزكاة وشقيقتها، وهي الصلاة (٥).
(٢) يعني كمخلوق الله ومضروب الأمير. سيبويه ٤/ ٤٣.
(٣) انظر العلة الأولى في الكشاف ١/ ٢٣، وبغداد: بالدال والذال والنون لغة.
(٤) يعني (يقيمون) من الآية نفسها.
(٥) اللفظ لصاحب الكشاف ١/ ٢٣، وكون المراد بها الزكاة المفروضة: أخرجه الطبري ١/ ١٠٤، وعزاه ابن الجوزي ١/ ٢٦ إلى قتادة.