ولا يوصل بغير هذه الجمل التي ذكرتها، فلا يدخل في الصلة الاستفهامُ والأمرُ والنهي والتعجب وما أشبه هذا مما ليس بخبر مَحْضٍ، لا تقول: جاءني الذي أَتُكْرِمُهُ؟ وجاءني الذي اضْرِبْهُ، والذي لا تضربه، والَّذي هل تضربُه؛ لأجل أن الصلة يؤتَى بها للإيضاح والتبيين، وليس في الاستفهام والأمر والنهي إيضاح إلا أن تأتي بالقول مع هذه الأشياء، فحينئذٍ يجوز، لأنه يصير أخبارًا، وذلك قولك: الذي أقول فيه اضربه، والذي أقول فيه ما أحسنه، ونحوهما.
وبعد.. فإن ماءَ الموصولة يستوي فيها التذكير والتأنيث، والإفراد والتثنية والجمع، وذلك نحو قوله عز وجل: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. فإن كان المراد بها القرآن، كانت للتذكير بمعنى الذي، وإن كان المراد بها الآيات والأخبار، كانت للتأنيث بمعنى التي، وقد تكون بمعنى (مَن) كقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ (١)، ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ ﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ (٢)، ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ (٣). وما أشبه هذا. ومن كلام القوم: سبحان ما سبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لها (٤). وقيل: وما بناها وما طحاها، وما سواها، وما خلق الذكر: مصادر، وقد قرئ: (مَنْ طابَ) (ومن بناها)، (ومن طحاها)، (ومن سوّاها)، (ومن خلق الذكر)، ويأتي الكلام عليها في مواضعها إن شاء الله.
وبعدُ.. فإن (ما) إذا أتت قبل (ليس)، أو (لم)، أو (لا)، أو بعد (إلا)، فإنها تكون خبرية، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ (٥)،
(٢) سورة الشمس، الآيات: ٥ - ٦ - ٧.
(٣) سورة الليل، الآية: ٣.
(٤) ذكر الصبان ١/ ١٥٣ - ١٥٤ هاتين العبارتين عن أبي زيد.
(٥) سورة المائدة، الآية: ١١٦.