فهذه تسعة أوجه، فاعْرِفْهُنَّ وقس عليهن ما يرد عليك من نظائرهن في التنزيل (١).
فإن قلت: فإنذار رسول الله - ﷺ - قد انتفعَ به كثيرٌ من الناس، فما معنى نفي الإيمان مع وجود ما ذكرتُ؟.
قلت: قيل: هذا عمومٌ معناهُ الخصوصُ، وهو فيمن سبق في علم الله أنه يموت على غير فطرة الإسلام، فاللفظ وإن كان عامًا، فالمراد به الخاص، ونحوه كثير في التنزيل (٢).
﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾:
قولى عز وجل: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ الختم والطبع والرسم نظائر، وهو التغطية على الشيء لئلا يُتوصَّلَ إليه، ولا يُطَّلَع عليه. وسمي القلب قلبًا لتقلبه بالخواطر والعُزُوم، قال الشاعر:

٣٩ - ما سُمِّيَ القلبُ إلا مِن تَقَلُّبِهِ والرأيُ يُصْرَفُ والإنسانُ أَطْوارُ (٣)
(١) انظر في أوجه هذه القراءات وتعليلاتها: معاني الزجاج ١/ ٧٧ - ٧٩، وإعراب النحاس ١/ ١٣٤ - ١٣٥، والكشف ١/ ٧٠ - ٧٦، والمحرر الوجيز ١/ ١٠٦ - ١٠٧، والبيان ١/ ٥٠ - ٥١، والتبيان ١/ ٢١ - ٢٢.
(٢) كذا قال ابن الجوزي في زاد المسير ١/ ٢٧ - ٢٨، وانظر جامع البيان، ومعالم التنزيل عند تفسير الآية.
(٣) هكذا جاء هذا البيت أيضًا في تفسير الماوردي ١/ ٧٣، وأنشده صاحب اللسان (قلب) لكن جعل قافيته مفتوحة هكذا:
والرأي يصرف بالإنسان أطوارا
وجاء شطره الثاني في القرطبي ١/ ١٨٧ بعبارة وقافية مختلفتين هكذا:
فاحذر على القلب من قلب وتحويل
ولم ينسبه أحد في هذه المصادر، لكن ساقه أبو الفرج في الأغاني ١/ ٢٤٥ ضمن قصيدة لامية طويلة لعمر بن أبي ربيعة، وشطره الثاني مختلف أيضًا عن كل ما مر:
ولا الفؤاد فؤادًا غير أن عقلا


الصفحة التالية
Icon