اللهُ خيرًا، وزدته درهمًا، و ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ فعداه إلى مفعولين كما ترى. ومعنى زيادة الله إياهم مرضًا: أنهم كانوا شاكين في المُنُزَلِ قبل القرآن، فزادهم شكًّا ونفاقًا بإنزال القرآن، على ما فُسِّر المرض هنا.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: ﴿عَذَابٌ﴾ رَفْعٌ بالابتداء أو بالظرف، و ﴿أَلِيمٌ﴾: نعت للعذاب، وهو فَعِيل بمعنى مُفْعِل، لأنه من آلمه يؤلمه إيلامًا، فهو مُؤلم، كما تقول: أوجعه يوجعه إيجاعًا، فهو مُوجع. والأليم والمؤلم، كالوجيع والموجع، وفعيل بمعنى مفعل كثير في كلام القوم، وفي التنزيل أيضًا: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (١)، أي: مبدعهما، لأنه من أبدع، ومنه مكان حَرِيزٌ، أي: مُحْرِزٌ، وفلان حكيم، أي: مُحْكِم. و ﴿أَلِيمٌ﴾ يُجمَع على إِلام وعلى أُلَمَاء، ككريم وكِرام وكُرماء (٢).
(بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ): الباء متعلقة بمحذوف، لكونها في موضع الصفة لـ ﴿عَذَابٌ﴾، و (ما) مع ما بعدها في تأويل المصدر، أي: عذاب أليم مستقر أو ثابت، أو كائن بتكذيبهم أو بكذبهم، على قدر القراءتين (٣).
و(يُكَذِّبوُنَ): في موضع نصب بأنها خبر كان.
فإن قلتَ: هل يجوز أن تكون الباء متعلقة بنفس ﴿أَلِيمٌ﴾؟ قلتُ: قد جوز ذلك.
فإن قلتَ: هل يجوز أن تكون صلة (ما كانوا) دون (يُكَذِّبوُنَ)، كأنه قيل: ولهم عذاب أليم بكونهم مكذِّبين؟ قلت: لا يجوز ذلك، لأن كان هنا هي الناقصة، والناقصة قد جُرِّدت للدلالة على الزمان، وعريت من الحدث،

(١) سورة الأنعام، الآية: ١٠١.
(٢) زاد النحاس ١/ ١٣٧، ويقال: أَلْآم مثل: أشراف.
(٣) الأولى: (يَكذِبون) بفتح الياء وتخفيف الذال، وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف. والثانية: (يُكذبون) (بضم الياء وتشديد الذال) وهي قراءة باقي العشرة. انظر السبعة/ ١٤٣/، والحجة ١/ ٣٢٩، والمبسوط/ ١٢٧/.


الصفحة التالية
Icon