أي: عنّي، والأول أمتن، لبقاء (إلى) على بابها (١).
ولك أن تجعل (خلا) بمعنى مضى، ومنه القرون الخالية، أي: مضوا إلى شياطينهم، وقد مضى الكلام على الشيطان واشتقاقه ووزنه في الاستعاذة، فأغنى ذلك عن الإعادة هنا.
﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾: ﴿إِنَّا﴾ إنّ واسمها، والظرف الذي هو ﴿مَعَكُمْ﴾ خبرها، وقد أُجيز فيه إسكان العين (٢). والأصل في ﴿إِنَّا﴾ إنَّنا بثلاث نونات، ثم حذفت إحداهن كراهية اجتماع الأمثال، والمحذوفة هي الوسطى، بدلالة قوله تعالى: (وَإِنْ كُلًّا لَّمَّا لَيُوَفيَنَّهُمْ) (٣) على قراءة من خفف النون (٤)، وقد أتى على الأصل والتمام في نحو قوله عز وجل: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ (٥).
ومعنى قوله: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ أي: إنا مصاحبوكم وموافقوكم على دينكم.
﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾: الاستهزاء: السخرية والاستخفاف. ويجوز في ﴿مُسْتَهْزِئُونَ﴾ ونحوه خمسةُ أوجهٍ:
تحقيق همزته وهو الأصل.
وتخفيفها بين بين على مذاق العربية، وهو المختار بعد الأول (٦).
(٢) قال النحاس في إعرابه ١/ ١٤٠: ومن أسكن العين جعل (مع) حرفًا.
(٣) سورة هود، الآية: ١١١.
(٤) قرأها الحرميان، وأبو بكر عن عاصم. وشدد الباقون، انظر السبعة/ ٣٣٩/، والمبسوط / ٢٤٢/، والتذكرة ٢/ ٣٧٤/، والتبصرة/ ٥٤٢/.
(٥) سورة طه، الآية: ٤٦.
(٦) وهذا هو مذهب سيبويه ٣/ ٥٤٢، وقال النحاس ١/ ١٤٠: فسيبويه يجعلها بين الهمزة والواو، وحجته أن حركتها أولى بها. وقال ابن عطية ١/ ١٢٤: أكثر القراء على ما ذهب إليه سيبويه.