وأن تكون للإبهام: على معنى: أن بعضهم يمثلهم بالمثال الأول، وبعضهم بالثاني.
وأن تكون بمعنى الواو: كأنه قيل: مثَلُهم كمثل المستوقِدِ وكأصحاب صيِّبٍ (١).
ومنع المحققون من أهل البصرة أن تكون ﴿أَوْ﴾ بمعنى الواو، ولا بمعنى (بل) فاعرفه (٢).
والكاف من ﴿كَصَيِّبٍ﴾ في موضع رفع عطفًا على الكاف في قوله: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ﴾، لأنها خبر لقوله عز وجل: ﴿مَثَلُهُمْ﴾. ولك أن تجعله خبر مبتدأ محذوف دل عليه المثل الأول، أي: أو مثلهم كمثل صيب.
والصَّيِّبُ: المطر الذي يَصُوبُ، أي: ينزل ويقع، من قولك: صاب يصوب صوبًا، إذا انْحَدَرَ، وحدُّه الجاري من علٍ، وهو فَيْعِلٌ كسيّد وميّت، وأصله: صَيْوِب، ثم قلبت الواو ياء لاجتماعهما، وأحد الحرفين ساكن، وهو قياس مُطَّرِد تقدمت الواو أو تأخرت نحو: لويت عنقه لَيًّا، وأصله: لويًا، فقلبت وأدغمت لما ذكرت آنفًا. وزعم الكوفيون: أن أصله: صَوِيب، على فَعِيل، ثم أدغم، وهو سهو، لأنه لو كان كما زعموا لصحت الواو، كما صحت في طويل وعويل (٣).
﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾: (من) لابتداء الغاية متعلق بصيّب تعلق الجار

(١) اقتصر ابن عطية ١/ ١٣٣ على كون (أو) هنا للتخيير، وعبر عنه ابن الأنباري في البيان ١/ ٦٠ بالإباحة، وذكر العكبري أنها على أربعة أوجه ١/ ٣٤ ولم يذكر كونها بمعنى الواو، لأنه مذهب الكوفيين كما سيأتي، وقد نص عليه الإمام الطبري ١/ ١٤٩ - ١٥٠ ولم يذكر غيره، والغريب من ابن عطية ١/ ١٣٣ أنه بعدما ذكر تفسير الطبري هذا قال: وهذه عجمة. كما أنه رد الوجه الأول، وانظر البحر ١/ ٨٣ فقد ذكر لها أبو حيان عدة معان أخرى.
(٢) انظر مذهب البصريين والكوفيين وحججهم وشواهدهم في الإنصاف مسألة (٦٧) ٢/ ٤٧٨.
(٣) انظر الخلاف مفصلًا في الإنصاف مسألة (١١٥) ٢/ ٧٩٥.


الصفحة التالية
Icon