والميثاق: بمعنى الإيثاق، كما أن الميعاد والميلاد بمعنى الوعد والولادة، والمصدر مضاف إلى المفعول إن جعلت الضمير للعهد، والفاعل محذوف، وهو الله جل ذكره، أي: مِن بعد إيثاقِ اللهِ العهدَ، [أو إلى الفاعل إن جعلته لاسم الله تعالى، والمفعول محذوف، وهو العهد، أي: من بعد إيثاقِه العهدَ.. وقُلبت الواو في الميثاق ياء، لانكسار ما قبلها.
وقوله: ﴿مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ﴾: ﴿مَا﴾ يحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون موصوفة، وهي مع صلتها أو صفتها نصب بـ ﴿يَقْطَعُونَ﴾.
﴿أَنْ يُوصَلَ﴾: في موضع جر على أنه بدل من الهاء في به، أي: بأن يوصل، أو في موضع نصب على البدل من (ما) في موضع رفع على إضمار مبتدأ، كقوله: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ (١) أي: هو أن يوصل] (٢).
وما أمروا بصلته، قيل: هو الأرحام. وقيل: هو الإيمان بجميع الرسل والكتب، وهو نوع من الصلة (٣).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾: (أولئك): مبتدأ، و ﴿هُمُ﴾: مبتدأ ثانٍ، و ﴿الْخَاسِرُونَ﴾ خبره، والجملة خبر ﴿أُولَئِكَ﴾. أو ﴿هُمُ﴾ فصل و ﴿الْخَاسِرُونَ﴾ الخبر.
فإن قلتَ: ما محل ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾؟ قلتُ: محلها الرفع إن جعلت ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ﴾ مبتدأً، وإلا، فلا محل لها.
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من (أ).
(٣) الأول أخرجه الطبري ١/ ١٨٥ عن قتادة، والثاني جعلوه قولين: الأول عن الحسن: أنه رسول الله - ﷺ - قطعوه بالتكذيب، وهذا ما ذكره الطبري، والثاني عن مقاتل: أنه مطلق الإيمان بالله تعالى ورسله. انظر النكت والعيون ١/ ٩٠، وزاد المسير ١/ ٥٧، وقدم الطبري الأول، وأخره البغوي ١/ ٥٩، وقال ابن عطية ١/ ١٥٧ بعد أن ذكر قول قتادة: وقال جمهور أهل العلم: الإشارة في هذه الآية إلى دين الله وعبادته في الأرض، وإقامة شرائعة وحفظ حدوده.