تريد الحال، كقولك: هذا زيد يَضْرِبُ. أي: كيف تكفرون وحالكم هذه؟ أي: ما أعجبَ كفرَكم مع علمكم بحالكم هذه.
وقوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ الضمير في قوله: ﴿إِلَيْهِ﴾ لله جل ذكره، وقيل: للإحياء (١).
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ﴾ (لكم) أي: لأجلكم.
﴿مَا فِي الْأَرْضِ﴾: ما: موصولة، والظرف صلتها، وهي مع صلتها في موضع نصب بـ ﴿خَلَقَ﴾. ﴿جَمِيعًا﴾: حال من الضمير الذي في الظرف، والعامل فيه الظرف، أو من ﴿مَا﴾ وعامله ﴿خَلَقَ﴾، وهو نهاية صلة ﴿الَّذِي﴾، أعني ﴿جَمِيعًا﴾.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ أي: قصد إلى خلقها (٢).
﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾: الضمير في ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ للسماء، والسماء في معنى الجنس، وقيل: جمع سَمَاوَة (٣)، كتمر في جمع تمرة، فلما حذفت التاء في الجمع قلبت الواو ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاجتمعت أَلِفان: المنقلبة

(١) لم يذكر الطبري ١/ ١٨٩، والزجاج ١/ ١٠٦، غير الأول، وذكر ابن عطية ١/ ١٥٩ القولين ورجح الأول.
(٢) كذا فسرها الزجاج ١/ ١٠٧، ونسبه ابن عطية ١/ ١٦٠ إلى ابن كيسان، واقتصر عليه ابن الجوزي في الزاد ١/ ٥٨. أي بعد أن انتهى من خلق الأرض قصد وعمد إليها، وهو معنى من عدة معانٍ ذكروها في تفسير الاستواء هنا، ورجح الطبري ١/ ١٩٢ أن معناه العلو والارتفاع أي: علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سماوات، وتبعه البغوي ١/ ٥٩ وعزاه إلى ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر مفسري السلف. وقال ابن عطية ١/ ١٦٠: علا دون تكييف ولا تحديد، هذا اختيار الطبري، والتقدير: علا أمره وقدرته وسلطانه. وانظر أيضًا النكت والعيون ١/ ٩٢، وجامع القرطبي ١/ ٢٥٥.
(٣) انظر معاني الزجاج ١/ ١٠٧، والقرطبي ١/ ٢٦٠.


الصفحة التالية
Icon