والخليفة: فعيلة بمعنى فاعل، لأنه يخلف غيره، أي يجيء بعده. وقيل: بمعنى مفعول، لأن ذريته تخلفه (١)، وإلحاق التاء للمبالغة، كالتي في علَّامة ونسّابة.
وقرئ: (خليقةً) بالقاف (٢). والخليقة: الخلائق، يقال: خليقة الله، وهم خلق الله أيضًا، وهو في الأصل مصدر، أعني الخلق، فاعرفه.
وقوله: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾: قيل: الهمزة لاستعلام الحكمة في خلق الخليفة، وليست التي للإنكار، أي: أتجعل فيها من يسفك الدماء، كمن كان قبله أو على غير تلك الحال (٣)؟.
وقيل: استفهموا عن أحوال أنفسهم، أي: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن على التسبيح والتقديس، أم نتغير عن ذلك (٤)؟.
وقيل: للتعجب، على معنى: تعجبتِ الملائكة من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أَهْلَ المعصيةِ (٥).
والسَّفْك: الصَّبُّ، يقال: سَفَك الشيءَ يَسْفِكُ سَفْكًا، إذا صبّه وهَرَقه.
وقرئ: (يَسْفُك) بضم الفاء (٦)، وهو لُغَيَّةٌ و (يُسْفِكُ) بضم الياء (٧)

(١) كذا أيضًا ذكر النحاس ١/ ١٥٧، وابن عطية ١/ ١٦٤، القولين، وهذا مأخوذ من قول الحسن رحمه الله: إنما سَمَّى الله بني آدم خليفة، لأن كل قرن منهم يخلف الذي قبله.
انظر الطبري ١/ ٢٠٠، والمحرر الوجيز في الموضع السابق.
(٢) ذكرها الزمخشري ١/ ٦١ دون نسبة، ونسبها ابن عطية ١/ ١٦٤ إلى زيد بن علي، وأضاف إليه أبو حيان ١/ ١٤٠: أبا البرهسم عمران.
(٣) هذا قول الزجاج في معانيه ١/ ١٠٩، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير ١/ ٦٠ عنه، وقريب منه قول الأخفش ١/ ٦٢ - ٦٣، وحكاه ابن جرير ١/ ٢٠٨، عن بعض أهل العربية.
(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ١/ ٦٠.
(٥) كونه للتعجب: ذكره الزمخشري ١/ ٦١ مقتصرًا عليه. كما ذكره ابن عطية ١/ ١٦٥ أولًا.
(٦) ذكرها الزمخشري ١/ ٦١، ونسبت إلى أبي حيوة، وابن أبي عبلة، وابن مصرف، انظر المحرر الوجيز ١/ ١٦٥، وزاد المسير ١/ ٦١، والبحر ١/ ١٤٢.
(٧) كذا في الكشاف أيضًا دون عزو.


الصفحة التالية
Icon