الماضي وفتحها في الغابر قِربانًا، إذا دَنَوتَ منه.
﴿هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾: الهاء بدل من الياء، والأصل هذي بدلالة أن الياء والكسرة التي من جنسها قد أُنِّث بهما في نحو: أنتِ تفعلينَ، ولم يثبت للهاء تأنيث في موضعٍ، ولذلك انكسر ما قبل الهاء، لكونها بدلًا من الياء.
وقرئ: (هذِي الشجرةَ) على الأصل (١) و (هذه الشِّيَرَةَ) بكسر الشين، وبالياء مكان الجيم (٢)، على البدل منها لقربها منها في المخرج، وهي لغيةٌ، وروي عن أبي عمرو أنه كَرهَها، وقال: يَقرأ بها برابرُ مكة وسُودانُها (٣). و ﴿الشَّجَرَةَ﴾: صفة لـ ﴿هَذِهِ﴾.
﴿فَتَكُونَا﴾: يَحتَمِل أن يكون مجزومًا بالعطف على ﴿وَلَا تَقْرَبَا﴾، وأن يكون منصوبًا بجواب النهي، والتقدير: إن تقربا تكونا، وعلامة جزمه أو نصبه حذف النون.
﴿مِنَ الظَّالِمِينَ﴾: من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية خالقهم، وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، ومنه قولهم: "مَنْ أَشْبَهَ أباهُ فما ظَلَمَ" أي: فما وضع الشَّبَهَ غيرَ موضعه (٤).
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦)﴾:

(١) قراءة (هذي) بالياء بدل الهاء نسبها ابن عطية ١/ ١٨٤، وأبو حيان ١/ ١٥٨ إلى ابن محيصن.
(٢) حكوها على أنها قراءتان، الأولى: (شِجرة) بكسر الشين، ذكرها أبو الفتح في المحتسب ١/ ٧٣، وقال ابن عطية ١/ ١٨٤: حكاها هارون الأعور عن بعض العلماء. والقراءة الثانية كما حكاها المؤلف رحمه الله. انظر الكشاف ١/ ٦٣، والبحر ١/ ١٥٨.
(٣) كذا عن أبي عمرو في المحتسب ١/ ٧٣، والكشاف ١/ ٦٣.
(٤) كذا هذه العبارة التي شُرح بها المثل في المستقصى ٢/ ٣٥٣. وهي في جميع المصادر التي سوف أذكرها: فما وضع الشبه (في) غير موضعه. انظر المثل وشرحه في أمثال أبي عبيد / ١٤٥/، وجمهرة العسكري ٢/ ١٩٩، ومجمع الميداني ٢/ ٣٣٣.


الصفحة التالية
Icon