قوله: ﴿فَإِنْ آمَنُوا... ﴾ الآية (١). وبالتاء النقط من فوقه ردًّا على ﴿أَتُحَاجُّونَنَا﴾ (٢).
و﴿أَمْ﴾ فيمن قرأ بالتاء النقط من فوقه، قد جُوّز أن تكون معادِلة للهمزة في ﴿أَتُحَاجُّونَنَا﴾، بمعنى: أي الأمرين تأتون المحاجّة في حِكْمَةِ اللهِ أم ادّعاء اليهودية. والنصرانية على الأنبياء؟ والمراد بالاستفهام عنهما: إنكارهما معًا. وأن تكودن منقطعة بمعنى: بل أتقولون؟ والهمزة للإنكار أيضًا.
وأما من قرأ بالياء النقط من تحته، فلا تكودن إلَّا منقطعة لعدم ما تعادله هنا، أي: بل أيقولون؟ والاستفهام بمعنى التوبيخ والتعجب.
﴿أَمِ اللَّهُ﴾: في موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف دل عليه خبر ﴿أَأَنْتُمْ﴾، أي: أم الله أعلم.
﴿عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾: كلاهما في موضع نصب على أنه صفة لشهادة، أي: شهادة صادرة، أو جائية من الله، وهي الشهادة الواردة منه جل ذكره في حق إبراهيم وغيره من الأنبياء - ﷺ - أنهم كانوا حنفاء مسلمين، فكتموها وقالوا: إنهم كانوا هودًا أو نصارى على ما فُسِّرَ. والمعنى: لا أحدَ أظلمُ من اليهود والنصارى (٣)، لأنهم كتموا هذه الشهادة، وقد أحاط علمهم بها.
ولك أن تجعل ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ في محل النصب على الحال من المستكن في الظرف وهو ﴿عِنْدَهُ﴾.
فإن قلت: هل يجوز أن يتعلق ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ بشهادة؟ قلتُ:

(١) (١٣٧) المتقدمة.
(٢) من الآية السابقة، والقراءتان صحيحتان، قرأ بالياء: المدنيان، والبصريان، وابن كثير، وأبو بكر عن عاصم. وقرأ بالتاء: ابن عامر ورويس، والكوفيون سوى أبي بكر. انظر السبعة/ ١٧١/، والحجة ٢/ ٢٢٨، والمبسوط/ ١٣٧، والتذكرة ٢/ ٢٦١.
(٣) في (ب) و (د): من (أهل الكتاب).


الصفحة التالية
Icon