﴿مَن يَتَّبِعُ﴾: ﴿مَن﴾ موصول منصوب بنعلم.
﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ﴾ متعلق بنعلم، أي: وما رددناك إليها، أو حولناك عنها إلَّا امتحانًا للناس وابتلاء، لنعلم الثابت على الإسلام الصادق فيه ممن هو على حَرْفٍ يَنْكِصُ على عقبيه لقلقه فيرتد.
وقد جوز الزمخشري رحمه الله أن تكون ﴿مَن﴾ متضمنة لمعنى الاستفهام متعلقًا عنها العلم، كقولك: علمت أزيد في الدار أم عمرو (١)، وهو سهو لعدم ما يتعلق به قوله: ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ﴾؛ لأنَّ ما بعد الاستفهام لا يتعلق بما قبله، فإن قلتَ: عَلِّقْه بقوله: ﴿يَتَّبِعُ﴾. قلتُ: لا يسعني ذلك لعدم المعنى، فاعرفه.
والجمهور على البناء للفاعل في قوله: ﴿لِنَعْلَمَ﴾، وقرئ: (إلَّا لِيُعْلَم) بالياء النقط من تحته مضمومًا على البناء للمفعول (٢).
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون العلم هنا بمعنى العرفان، كقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ (٣)، أي: عرفتم، وتكون ﴿مَن﴾ بمعنى الذي، أي: ليعرف الذي يتبع الرسوله. ولا تكون ﴿مَن﴾ وها هنا استفهامًا، لئلا يكون الكلام جملة، والجمل لا تقوم مقام الفاعل، انتهى كلامه (٤).
قلت: قوله هذا يُجَوّزُ أن تكون ﴿مَن﴾ استفهامية في قراءة الجمهور، وفيه ما فيه لما ذكرت آنفًا، والله تعالى أعلم بكتابه، والعلمُ عندي على هذه القراءة على بابه، لا بمعنى العرفان.

(١) الكشاف ١/ ١٠٠. وكلام الزمخشري وتعليق المؤلف عليه ساقط من (د).
(٢) نسبت إلى الزهري، انظر إعراب النحاس ١/ ٢٢٠، والمحتسب ١/ ١١١، والمحرر الوجيز ٢/ ٦.
(٣) تقدمت في الآية: ٦٥ من هذه السورة.
(٤) انظر كلام أبي الفتح في كتابه المحتسب ١/ ١١١ - ١١٢. وكلام أبي الفتح ساقط من (د).


الصفحة التالية
Icon