قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ﴾ اللام توطئة للقسم داخلةٌ على حرف الشرط، ﴿مَا تَبِعُوا﴾ جواب القسم المحذوف سد مسد جواب الشرط.
والجمهور على تنوين ﴿بِتَابِعٍ﴾ وَنَصْب ما بعده به، وقرئ: (بتابعِ قبلتهم) بترك التنوين. وجر ما بعذه بالإضافة (١)، وكلاهما ظاهر.
﴿إِذًا﴾ حرف، والنون فيه أصل، ولا تعمل إلّا بعد شرائط: أولها: أن تكون جوابًا.
والثانية: أن تكون مُبتَدَأَةً. والثالثة: أْن يكون الفعل بعدها غيرَ مُعتمِدٍ على ما قبلها. والرابعة: أن يكون الفعل مستقبلًا، ويجمعهن قولك لمن يقول: أنا آتيك: إذن أُكْرِمَكَ، ولا تعمل هنا شيئًا؛ لأنَّ عملها في الفعل، ولا فعل.
فإن قلت: هي يجوز أن تكون (إن) في قوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ﴾ بمعنى (لو) كما زعم بعضهم (٢) محتجًا بأنها أُجيبتْ بجوابِ (لو) وهو (ما)؟ قلت: لا؛ لأنَّ (إنْ) في الأصل للمستقبل، و (لو) للماضي، وهو قول صاحب الكتاب، والقول ما قالت حَذَامِ (٣).
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿الَّذِينَ﴾ رفع بالابتداء، ونهاية صلته ﴿الْكِتَابَ﴾، و ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ الخبر. والهاء في ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وجاز الإضمار وإن لَمْ يَسبق له ذكر، لأنَّ الكلام يدلُّ عليه، ومثل هذا الإضمار فيه تفخيم
(٢) هو الفراء ١/ ٨٤، والأخفش ١/ ١٦١ ونسبه النحاس ١/ ٢٢١ إليهما.
(٣) انظر الكتاب ٣/ ١٠٨ - ١٠٩.