﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ﴾ الصفا مقصور، وألفه منقلبة عن واو، لقولهم في تثنيته: صفوان، وهو الحجبم الصلب الأملس الصافي الذي لا يُنبت شيئًا. والمروة الحجر الرخو، وهما علمان للجبلين.
﴿مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾: في موضع رفع: خبر ﴿إِنَّ﴾، وفي الكلام حذف مضاف، أي: إنَّ المشي بينهما من شعائر الله.
والشعائر: جمع شَعيرة، وهي العلامة، أي: من أعلام مناسكه ومتعبداته، وهمزت لأنَّ الياء مزيدة لا أصبل لها في الحركة، كالتي في صحائف.
﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ﴾: (مَن) شرطية في موضع رفع بالابتداء. و ﴿حَجَّ﴾ في موضع جزم بالشرط، والجواب ﴿فَلَا جُنَاحَ﴾، و ﴿جُنَاحَ﴾ مبني مع (لا).
واختلف في خبر (لا)، فقيل: ﴿عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ وعليه الجُلُّ. وقيل: الوقف على ﴿فَلَا جُنَاحَ﴾ والابتداء بقوله: ﴿عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، لأنَّ الطواف واجب. وخبر (لا) محذوف، أي: فلا جناح في الحج (١).
وقوله: ﴿أَنْ يَطَّوَّفَ﴾ تقديره: في أن يَطَّوَّفَ، ثم حذفت في، فـ ﴿أَنْ﴾ في موضع نصب أو جر على الخلاف المشهور. وقيل: ﴿أَنْ يَطَّوَّفَ﴾ في محل النصب على الحال من الهاء في ﴿عَلَيْهِ﴾، أي: فلا جناح عليه في تلك الحال (٢).
(٢) ضعف هذا الوجه: أبو حيان ١/ ٤٥٨، والسمين الحلبي ٢/ ١٨٩.