محذوف، أي: الأمر كذلك، وأن تكون في موضع نصب على أنَّها نعت لمصدر محذوف، أي: يُرِيهم إراءً مِثل ذلك الإراءِ الفظيع، أي: كما أراهم العذاب يريهم أعمالهم [حسرات، أي ندامات] (١).
و﴿يُرِيهِمُ﴾: يحتمل أن يكون من رؤية البصر، وأن يكون من رؤية القلب.
و﴿حَسَرَاتٍ﴾ على الأول: حال من الهاء والميم في ﴿يُرِيهِمُ﴾، وعلى الثاني: ثالث مفاعيل يُرِي. و ﴿عَلَيْهِمْ﴾: متعلق بحسرات.
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿حَلَالًا﴾ مفعول ﴿كُلُوا﴾. و ﴿مِمَّا فِي الْأَرْضِ﴾: في موضع نصب على الحال، لتقدمه على الموصوف وهو ﴿حَلَالًا﴾. ولك أن تجعل ﴿حَلَالًا﴾ حالا من ﴿مِمَّا فِي الْأَرْضِ﴾، ومفعول ﴿كُلُوا﴾ على هذا الوجه يكون محذوفًا، أي: كلوا شيئًا مما في الأرض في حال كونه حلالًا طيبًا طاهرًا من كلّ شبهة من حيث يطيب أكله (٢). و ﴿مِمَّا﴾ في موضع نصب صفة لمفعول ﴿كُلُوا﴾ المقدر، أو صفة لمصدر محذوف، أي: أكلًا حلالًا. ولك أن تنصبه بفعل مضمر، أي: أعني حلالًا. و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض؛ لأنَّ كلّ ما في الأرض ليس بمأكول.
وقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ قرئ: بضمتين على الأصل للفرق بين الاسم والصفة، وهو لغة أهل الحجاز، وكان الاسم بالتحريك
(٢) هكذا جاء هذان الإعرابان لـ (حلالًا) عند الزمخشري ١/ ١٠٦، بينما أعربها النحاس ١/ ٢٢٩، ومكي ١/ ٨٠، وابن الأنباري ١/ ١٣٦ على أنَّها صفة لمفعول أو مصدر محذوفين. وجوز العكبري ١/ ١٣٨ الأوجه الثلاثة، بينما استبعد ابن عطية ٢/ ٤٣ أن تكون نعتًا أو مفعولًا به. واقتصر على الحال.