وقيل: القَصَصُ: القرآن، أي: لكم في القرآن حياة للقلوب (١).
﴿يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ منادى منصوب، أي: يا ذوي العقول. يقال في الرفع: (أولو) بالواو، وفي الجر والنصب (أولي) بالياء. وأولو: جمعٌ واحده (ذو) من غير لفظه، وليس له واحد من لفظه. والالباب: جمع لبٍّ.
﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي: أوضحت لكم ما في القصاص من استبقاء الأرواح وحفظ الأنفس، لعلكم تعملون عمل أهل التقوى في المحافظة على القصاص والحكم به.
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿كُتِبَ﴾ فعل مبني للمفعول، والمسند إليه محذوف تدل عليه الوصية، أي: كتب عليكم الإيصاء، فالإيصاء هو العامل في ﴿إِذَا﴾.
فإن قلتَ: هل يجوز أن يكون العامل في ﴿إِذَا﴾ ﴿كُتِبَ﴾، كما زعم بعضهم (٢)؟ قلت: لا؛ لأنَّ الكتاب لَمْ يُكتب على العبد وقت موته، وإنما هو شيء قد ذكر في اللوح المحفوظ، إلَّا على تَأويل ونَأْيٍ (٣).
ومعنى ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾: أي إذا دنا منه، وظهرت أماراتُه ومقدماته.
﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾: أي مالًا كثيرًا، واختلف في جواب الشرط، فزعم

(١) الكشاف ١/ ١١١.
(٢) هو ابن عطية ٢/ ٦٦، والعكبري ١/ ١٤٦ قال، والمراد بحضور الموت حضور أسبابه ومقدماته، وذلك هو الوقت الذي فرضت فيه الوصية.
(٣) كذا أيضًا رد مكي في المشكل ١/ ٨٤ تعلق (إذا) بـ (كتب) وذكر التعليل نفسه ثم قال: فالإيصاء هو الذي يبهون عند حضور الموت، فهو العامل في (إذا).


الصفحة التالية
Icon