ومِن ﴿مِنْ مُوصٍ﴾ يَحتمل وجهين:
أحدهما: أن يتعلق بخاف.
والثاني: أن يتعلق بمحذوف على أنَّ تجعله في محل النصب على الحال لتقدمه على الموصوف وهو ﴿جَنَفًا﴾، أي: فمن خاف جنفًا كائنًا من موصٍ.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ الصيام: فاعل ﴿كُتِبَ﴾ (١).
﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾: الكاف من ﴿كَمَا﴾ في محل النصب على الحال من ﴿الصِّيَامُ﴾، أي: مشبهًا لما كُتب على مَن كان قبلكم، أو لكونه نعتًا لمصدر محذوف، أي: كتابًا مثل كتابه على من كان قبلكم، فـ (ما) على الأول موصولة، وعلى الثاني مصدرية.
وقيل: هو نعت لمصدر الصيام حملًا على المعنى؛ لأنَّ معنى كتب عليكم الصيام: أن تصوموًا صومًا، فقوله: صومًا، مصدر مُؤكِّدٌ لقوله: ﴿الصِّيَامُ﴾؛ لأنه بمعنى: أن تصوموا، والتقدير: كتب عليكم الصيام صومًا مماثلًا للصوم المكتوب على من كان قبلكم (٢).
وقيل: في موضع رفع نعت للصيام، أي: كتب عليكم الصيام مثل الصيام الذي كان على مَن قبلكم (٣).
(٢) كونه نعتًا لمصدر الصيام: أجازه النحاس ١/ ٢٣٤، وابن عطية ١/ ٧٢، والعكبري ١/ ١٤٨، لكن قال أبو حيان ٢/ ٢٩: فيه بعد.
(٣) كذا أيضًا في المصادر السابقة، وانظر البيان ١/ ١٤٢.