فالرفع: على أنه مبتدأ خبره ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [كما تقول: زيد الذي في الدار] (١). أو ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ صفته، وخبره ﴿فَمَنْ شَهِدَ﴾، وأعيد ذكر الشهر تعظيمًا له، كقوله: ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ (٢). وجاز أن يدخل الشهر معنى الجزاء، بدلالة إتيان الفاء بعده؛ لأنه قد وصف بالذي، فدخله معنى الجزاء لذلك، كما يدخل الذي نفسه.
فإن قلت: فإن كان الأمر على ما زعمت، فأين العائد إلى المبتدأ من الجملة؟ قلت: قيل: وُضع الظاهر موضعه تفخيمًا وتعظيمًا، كأنه قيل: فمن شهده، ثم وضع الظاهر موضعه لما ذكرت آنفًا، فاعرفه، ونظيره: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ (٣).
أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي المفترض عليكم صيامه شهر رمضان، أو هي شهر رمضان، يعني الأيام المعدودات، أو ذلك، يعني الصيام. فـ ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ على هذا نعت للشهر أيضًا.
وقد جوز أن يكون بدلًا من الصيام في قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ (٤).
والنصب: على الإغراء، أي: صوموا شهر رمضان.
وقد جوز أن يكون بدلًا من قوله: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ (٥).
وأن يكون منصوبًا بقوله: ﴿تَعْلَمُونَ﴾ (٦) على تقدير حذف مضاف، أي: تعلمون قدره أو شرفه.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون منصوبًا بقوله: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا﴾، كما

(١) من (ب) فقط.
(٢) سورة القارعة، الآيتان: ١ - ٢.
(٣) سورة الحاقة، الآيتان: ١ - ٢.
(٤) من الآية (١٢٣) المتقدمة. وانظر هذا الإعراب في معاني الزجاج ١/ ٢٥٣.
(٥) من الآية السابقة، وهذا الإعراب والذي قبله للزجاج ١/ ٢٥٤.
(٦) آخر الآية السابقة، وانظر هذا الإعراب في التبيان ١/ ١٥٣ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon