والثالث: أن التقدير: ولتكملوا العدة شُرع ذلك، أو أُريدَ ذلك، فحُذفَ الفعلُ المعلِّل لدلالة ما تقدم عليه، ونظيره: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ (١)، أي: وليكون من الموقنين أريناه، عن الفراء (٢).
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ﴾ العامل في (إذا) معنى قوله: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ﴾، أي: عَرِّفْهم قربي وإجابتي إذا سألك. أي: فقل لهم ذلك.
و﴿أُجِيبُ﴾: خبرٌ بعد خبر.
﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾: أي: فَلْيجِيبوا. وأجاب واستجاب بمعنىً، كما أن قر واستقر كذلك، والمعنى: فليجيبوا لي إذا دعوتهم إلى الإيمان والطاعة، كما أني أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم.
وقوله: ﴿يَرْشُدُونَ﴾ الجمهور على فتح الياء وضم الشين، وماضيه رشَد بفتح الشين، ومصدره رُشْدًا بضم الراء وإسكان الشين، وقرئ: (يَرْشَدون) بفتح الياء والشين، وماضيه رشِد بكسر الشين، ومصدره رَشَدًا بفتح الراء والشين ورشادًا أيضًا، وهما لغتان بمعنىً، أعني: يَرشُدون، ويرشَدُون.
وقرئ أيضًا: (يُرشِدون) بضم الياء وكسر الشين، وماضيه أَرْشَدَ، أي: يرشدون غيرهم. يقال: رَشِدَ فلانٌ وأرشده الله (٣).

(١) سورة الأنعام، الآية: ٧٥.
(٢) معاني الفراء ١/ ١١٣. وانظر إعراب النحاس في الموضع السابق ففيه قولان آخران:
(٣) انظر هاتين القراءتين دون عزو أيضًا في الكشاف ١/ ١١٤، والتبيان ١/ ١٥٤، والبحر ٢/ ٤٧، والدر المصون ٢/ ٢٩٢. وفي المحرر قراءة ثالثة: بفتح الياء وكسر الشين ونسبها إلى ابن أبي عبلة، وأبي حيوة. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon