﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾ يعني الهدي. ﴿فَصِيَامُ﴾: أي فعليه صيام. ﴿ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ أي: في وقته، عن الشافعي رضي الله عنه: هي من لدن أن يُحْرِم إلى يوم النحر (١).
ويجوز نصب (صيام) على تقدير: فليصم هذا الصيام (٢).
و(سَبْعَةٍ): عطف على ثلاثة. وقرئ في غير المشهور: (وسبعةً) بالنصب (٣) عطفًا على محل ﴿ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾، كأنه قيل: فصيام ثلاثة أيام، كقوله: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا﴾ (٤).
﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ﴾: ابتداء وخبر، والإشارة إلى العدد. و ﴿كَامِلَةٌ﴾ نعت لعشرة. فإن قلتَ: ما وجه إعادة قوله: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ بعد أن ذُكِرت مفترقةً؟ قلت: قيل: لئلا يَتوهم السامع أن العشرة لا تجب بكاملها، وإنما يجب عليه صيام ثلاثة أيام في الحج، أو سبعة في الرجوع (٥)، كما تقول: أبيعك هذا الثوب بعشرة دنانير نقدًا وعشرين إلى أجل، فهذا يحتمل أن يكون معناه: إن اشتريته بنقد فبعشرة، وإن اشتريته إلى أجل فبعشرين. ويحتمل أن يكون المعنى: إنك تبيعه إياه بثلاثين: منها عشرةٌ نقدًا وعشرون إلى أجل، فإن قلت: فذلك ثلاثون، زال اللَّبس وارتفع الإشكال.
فإن قلت: ما ذكرتَ إنما يكون مع ﴿أَوْ﴾ لأنها تكون لأحد الشيئين أو الأشياء في الإباحة وغيرها دون الواو. قلت: قد تأتي الواو للإباحة في نحو قولك: جالس الفقهاء والنحويين، ألا ترى أنه لو جالسهما جميعًا، أو واحدًا منهما كان مطيعًا، فلما كان كذلك أعيد قوله: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ نفيًا

(١) قال الماوردي في النكت والعيون ١/ ٢٥٧: وهذا قول علي، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وطاوس والسدي، وسعيد بن جبير، وعطاء، والشافعي في الجديد.
(٢) كذا جوزه الزجاج ١/ ٢٦٨ إلا أنه قال: ولكن القراءة لا تجوز بما لم يُقرأ به.
(٣) هي قراءة ابن أبي عبلة كما في الكشاف ١/ ١٢١، وزيد بن علي كما في المحرر الوجيز ٢/ ١١٨.
(٤) سورة البلد، الآيتان: ١٤ - ١٥.
(٥) انظر هذا السؤال والجواب عليه في معاني الزجاج ١/ ٤٣٠.


الصفحة التالية
Icon