لتوهم الإباحة، وذهاب السامع إلى ذلك (١).
فإن قلتَ: ما وجه قوله: ﴿كَامِلَةٌ﴾، وهلا اقتصر على العشرة؟ قلت: قيل: وجهُهُ الدلالةُ على انقطاع العدد، لئلا يتوهم متوهم أنه قد بقي بعد ذكر السبع من العدد شيء، عن المبرد (٢).
وقيل: لفظه خبر ومعناه الأمر، أي: فأكملوها ولا تنقصوها (٣).
﴿ذَلِكَ لِمَنْ﴾: ابتداء وخبر، والإشارة إلى الحُكْمِ الذي هو وجوب الهدْي أو الصيام. واللام في ﴿لِمَنْ﴾ على أصله، أي: ذلك ثابت أو مستقر له. وقيل: هو بمعنى على، و (مَن) موصولة، ونهاية صلتها ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾: في المحافظة على حدوده، وما أمركم به ونهاكم عنه.
﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٧)﴾
قوله عز وجل: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ﴾ ابتداء وخبر، وفي الكلام حذف مضاف، أي: وقتُ الحجِّ أشهرٌ، [أو أشهر الحج أشهر] (٤)، أو الحجُّ حَجُّ أشهرٍ. وإنما قُدِّرَ هذا ليكون الثاني هو الأول في المعنى، ولولا هذا التقدير لكان القياس نصب ﴿أَشْهُرٌ﴾ على الظرف، كما تقول: القتال اليومَ، والخروجُ الساعة.
قال أبو علي: والأشهُرُ على هذا مُتَّسَعٌ فيها مُخْرَجَةٌ عن الظروف، والمعنى على ذلك، ألا ترى أن الحج في الأشهر، كما أن الموعد في

(١) انظر هذا السؤال والجواب عليه في الكشاف ١/ ١٢١.
(٢) حكاه عن المبرد أيضًا: القرطبي ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٣.
(٣) قاله الرازي في مفاتيح الغيب ٥/ ١٣٤.
(٤) سقطت من (د) كما سقطت هي والتي بعدها من (أ).


الصفحة التالية
Icon