التَّقْوَى}، أي: اجعلوا زادكم إلى الآخرة اتقاء القبائح.
﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ﴾: اتقاؤها، ودخلت الفاء لما فيه من معنى الشرط، أي: إن تزودوا فإنَّ خيره التقوى.
واتقوني: أي: وخافوا عقابي يا ذوي العقول، لأن قَضيَة اللبّ تقوى الله، ومن لم يتقه من الأَلِبّاء، فكأنه لا لُبَّ له.
﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا﴾ في موضع نصب لعدم الجار وهو (في)، أو جر لإرادته، ولو ظهر لكان متعلقًا بـ ﴿جُنَاحٌ﴾ لما فيه من معنى الفعل، وهو الجنوح والميل، أو لكونه في معنى الإثم.
﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾: أي عطاء منه وتفضلًا، وهو النفع والربح بالتجارة على ما فسر (١). فإن قلت: بماذا يتعلق ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾؟ قلت: بقوله: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا﴾، أو بمحذوف إن جعلته نعتًا لفضل، ومحله نصب على كلا الوجهين.
وقوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ﴾: (إذا) ظرف، وناصبه ﴿فَاذْكُرُوا﴾. ومعنى ﴿أَفَضْتُمْ﴾: دَفَعْتُمْ بكثرةٍ، من إفاضة الماء، وهو ضبه بكثرة. يقال: فأض الماء يفيض فَيْضًا وفيضوضة، أي: كثر حتى سال على ضفة الوادي، وأفاض فلان إناءه، أي: ملأه حتى فاض.
فإن قلت: فإن كان الأمرُ على ما زعمتَ، فأين مفعولُ ﴿أَفَضْتُمْ﴾؟

(١) انظر جامع البيان ٢/ ٢٨٣، ومعالم التنزيل ١/ ١٧٤.


الصفحة التالية
Icon