تفعلون في ذكر آبائكم. ولك أن تجعله في موضع نصب على الحال من الضمير في ﴿فَاذْكُرُوا﴾، أي: فاذكروه مشبهين ذكركم آباءكم.
وقوله: ﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ يحتمل أن يكون في موضع جر عطفًا على ما أضيف إليه الذكر في قوله: ﴿كَذِكْرِكُمْ﴾، أي: أو كأشدَّ، أي: كذكرٍ أشد، كما تقول: كَذِكْرِ بني تميم آباءهم، أو قوم أشدَّ منهم ذكرًا. إلا أنه لا ينصرف للوصف والوزن، وأن يكون في موضع نصب عطفًا على ﴿آبَاءَكُمْ﴾ بمعنى: أو أشد ذكرًا من آبائكم، على أن ﴿ذِكْرًا﴾ من فعل المذكور، قاله الزمخشري (١).
أو على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: أو اذكروه ذكرًا أشد من ذكركم آباءكم (٢).
و﴿ذِكْرًا﴾: منصوب على التمييز. وقال بعض النحويين: هذا موضع مشكل، وذلك أن (أَفْعَل) يضاف إلى ما بعدها إذا كان من جنس ما قبلها، كقولك: ذِكْرُكَ أشدُّ ذِكْرٍ، ووجهُكَ أحسنُ وجهٍ، أي: أشد الأذكار، وأحسن الوجوه.
وإذا نَصَبْتَ ما بعدها كان غير الذي قبلها، كقولك: زيد أَفْرَهُ عبدًا، فالفراهة للعبد لا لزيد (٣)، والمذكور قبل و ﴿أَوْ أَشَدَّ﴾ ها هنا هو الذكر، والذكر لا يذكر حتى يقال: الذكر أشدُّ ذكرًا، وإنما يقال: الذكر أشدُّ ذكر بالإضافة، لأن الثاني هو الأول.
والذي قاله أبو علي، وابن جني وغيرهما: أنه جعل الذِّكر ذاكرًا على المجاز، كما تقول: زيد أشدُّ ذكرًا من عمرٍو. وعندي أن الكلام محمول
(٢) كذا أيضًا في مشكل مكي ١/ ٩٠. والذي عند الزجاج ١/ ٢٧٤، والنحاس ١/ ٢٤٨: واذكروه أشد ذكرًا.
(٣) الفاره: الحاذق بالشيء. (الصحاح).