﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ﴾: مَن شرطية في موضع رفع بالابتداء، وما بعده خبره.
﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾: الفاء وما بعده جواب الشرط. و ﴿تَعَجَّلَ﴾ هنا بمعنى عَجِلَ أو استعجل، وتعجل واستعجل يأتيان مطاوعَين، بمعنى عَجِل، يقال: تعجل في الأمر واستعجل. ومتعديين، يقال: تعجل الذهاب واستعجله، واختير المطاوع هنا لقوله: ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ﴾.
وقرئ في غير المشهور: (فَلَثْم عليه) بطرح الهمزة تخفيفًا (١)، كما حُذف من نحو:
٩٥ - * إن لم أُقاتل فَلْبِسُوني بُرْقُعا* (٢)
ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين هي والثاء.
﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾: خبر مبتدأ محذوف، دل عليه ما تقدم من الكلام، أي: ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر، لأجل الحاج المتقي، أو: ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾، لأنه هو المنتفع به دون مَن سواه، كقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾ (٣). وقيل: اللام متعلق بمعنى قوله: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، لأنه تضمن معنى: جعلنا ذلك لمن اتقى. وقيل التقدير: المغفرةُ لمن اتقى. وقيل، السلامة لمن اتقى (٤).

(١) نسبت إلى سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. انظر المحتسب ١/ ١٢٠، والمحرر الوجيز ٢/ ١٣٦، والقرطبي ٣/ ١٤.
(٢) هكذا أنشده أبو علي الفارسي عن أحمد بن يحيى، وبعده:
* وفَتَخات في اليدين أربعا *
انظر إيضاح الشعر / ٣٣٥/، والحجة ٣/ ٢١١، والخصائص ٣/ ١٥١، والمحتسب ١/ ١٢٠، والقرطبي ٥/ ١٠١، والبحر ٣/ ٢٠٦، وحاشية الصبان ٤/ ٢٧٢. والشاهد فيه قوله: (فَلْبسوني). وأصلها: فألبسوني.
(٣) سورة الروم، الآية: ٣٨.
(٤) انظر هذه الأقوال التي في تعلق (لمن اتقى): معاني الأخفش ١/ ١٧٨، وإعراب النحاس ١/ ٢٤٩، ومشكل مكي ١/ ٩١، والكشاف ١/ ١٢٦.


الصفحة التالية
Icon