قوله عز وجل: ﴿سَلْ﴾ يحتمل أن يكون أمرًا للرسول - ﷺ -، وهو الوجه، وعليه الجُلُّ، وأن يكون لكل أحد (١).
والجمهور على فتح السين مع حذف همزة الوصل، وذلك يحتمل وجهين:
أحدهما: أن الهمزة خففت بأن ألقيت حركتها على السين على التخفيف القياسي، فلما تحركت السين استُغْنِيَ عن همزة الوصل اعتدادًا بالحركة العارضة، كما اعْتَدَّ بها مَن قال: لَحْمَرُ (٢).
والثاني: أنه مِن سَالَ يَسَالُ، كخافَ يخافُ، لغةٌ محكيةٌ (٣).
وأجاز بعض النحويين (اسَلْ) قياسًا على قول من قال: الَحْمَرُ (٤).
وقرئ: (اسْأَلْ) على الأصل (٥)؛ لأن ماضيه سَأَلَ، فاحتيج إلى همزة الوصل لسكون السين حيث لم تُخَفَّفِ الهمزةُ.
وقوله: ﴿كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ﴾ ﴿كَمْ﴾ هنا يحتمل أن تكون استفهامية للتقرير، وأن تكون خبرية، وهي في كلا الوجهين في موضع نصب على أنها مفعولٌ ثانٍ لآتينا. ﴿مِنْ آيَةٍ﴾ هي المميِّز. وإنما جيء بمن في المميِّز - وهو الاختيار - لكونه فصل بين المميَّز والمميِّز، ولو حذفت ﴿مِنْ﴾ لوجب نصب ﴿آيَةٍ﴾ استفهامية كانت أو خبرية.
(٢) ومن لم يعتدّ يقول: الحْمَرَ. والأصل: الأَحْمر. وهذا القول للأخفش كما في التبيان ١/ ١٧٠.
(٣) التبيان ١/ ١٧٠.
(٤) ذكر ابن عطية ٢/ ١٤٧ أنها قراءة، أعني (أَسَل).
(٥) رواية عن أبي عمرو، انظر المحرر الوجيز ٢/ ١٤٧. والقرطبي ٣/ ٢٧، والبحر ٢/ ١٢٦، وفي الأخيرين تصحيف.