مستحق للعقاب، فاعرفه، فإن فيه أدنى غموض.
﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ﴾: (ما) مصدرية.
﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾: الفاء وما تعلق بها جواب الشرط.
﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢١٢)﴾:
الجمهور على البناء للمفعول في (زُيِّنَ)، ورَفْع ﴿الْحَيَاةُ﴾ به على الفاعلية.
وقرئ: (زَيَّنَ) على البناء للفاعل، ونصب الحياة به (١).
فإن قلتَ: مَن المزيِّنُ؟ قلت: يَحتمل أن يكون هو الله تعالى زينها لهم، بأن خلق فيها الأشياء العجيبة حتى اغتر بها المغرورون، واطمأن إليها الجاهلون ابتلاء وامتحانًا، بشهادة قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (٢). وأن يكون هو الشيطان، زينها لهم وحسنها في أعينهم بوساوسه وحببها إليهم، فلا يريدون غيرها، يعضده: ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ﴾ (٣)، ﴿الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ﴾ (٤).
فإن قلت: فلم قال: (زُينَ)، ولم يقل: زُينتْ؟ قلت: لأجل الفصل
(٢) سورة الكهف، الآية: ٧.
(٣) سورة الحجر، الآية: ٣٩.
(٤) سورة محمد - ﷺ - الآية: (٢٥). وانظر هذين المعنيين عند الزجاج ١/ ٢٨٢ والزمخشري ١/ ١٢٨. حيث قدما المعنى الثاني. وهي للماوردي ١/ ٢٧٠ قبله مع معنى ثالث هو: الذين أغووهم من الإنس والجن.