﴿الشَّهْرِ﴾، وهو بدل الاشتمال؛ لأن القتال يقع في الشهر، تعضده قراءة من قرأ: (عن قتال فيه) على تكرير العامل، كقوله: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ (١)، وهو عبد اللَّه رضي الله عنه (٢).
و﴿فِيهِ﴾ متعلق بقتال، كما يتعلق بقاتل، لأن المصدر يعمل عمل الفعل، ولك أن تجعله وصفًا لقتال، فيكون متعلقًا بمحذوف، أي: واقع أو كائن فيه.
وقرئ في غير المشهور: (قتالٌ فيه) بالرفع (٣)، على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: أجائز قتال فيه؟ دل عليه ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾.
﴿قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾: قتال مبتدأ، و ﴿فِيهِ﴾ نعت له، ولذلك جاز الابتداء به، كقوله. ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ﴾ (٤)، و ﴿كَبِيرٌ﴾ خبره. والهاء في ﴿فِيهِ﴾ في الموضعين تعود على ﴿الشَّهْرِ﴾.
فإن قلت: قتالٌ الثاني هو قتال الأول أم غيره؟ قلت: هو غيره، ولو كان هو هو، لكانت معه آلة التعريف، كما في قول القائل: كسبت درهمًا، وأنفقت الدرهم، وقوله: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ بعد قوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ (٥) وإنما هو إخبار بتعظيمِ أيّ قتال يقع في الشهر الحرام، وليس هو ذلك المذكور بعينه.
وقوله: ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (وصد): مبتدأ، و ﴿عَنْ﴾ متعلقة به، والصد: المنع.
(٢) انظر قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في معاني الفراء ١/ ١٤١، وإعراب النحاس ١/ ٢٥٧، والمحرر الوجيز ٢/ ١٦٠ - ١٦١ وفيه أنها قراءة الربيع والأعمش أيضًا.
(٣) قراءة شاذة ذكرها النحاس ١/ ٢٥٨، والعكبري ١/ ١٧٤، ونسبها القرطبي ٣/ ٤٤ إلى الأعرج.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٢١.
(٥) سورة المزمل، الآيتان: ١٦ و ١٥.