وهو ضعيف؛ لأن صاحب الكتاب: لا يجيز عطف الظاهر على المضمر المخفوض إلَّا بإعادة الخافض (١)، وأيضًا فإن المعنى ليس على الكفر به، وإنما المعنى على الصد عنه.
وعن الفراء: أن قوله: ﴿وَصَدٌّ﴾ ﴿وَكُفْرٌ﴾ معطوفان على ﴿كَبِيرٌ﴾ الذي هو خبرٌ عن ﴿قِتَالٌ﴾ ورُدَّ عليه: بأن هذا يوجب أن يكون القتال في الشهر الحرام كفرًا، ويوجب ما بعده من قوله: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند الله من الكفر، وإخراجهم منه إنما هو بعض خلال الكفر.
وعنه أيضًا: أن الصدَّ مرفوع بالابتداء، ﴿وَكُفْرٌ﴾ عطف عليه، والخبر محذوف، التقدير: وصد عن سبيل الله وكفر به كبيران عند الله، لدلالة الخبر الأول عليه. وهذا أيضًا يوجب أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام عند الله أكبر من الكفر.
وعن الفراء أيضًا: أن ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ معطوف على ﴿الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾، وليس بشيء؛ لأنهم لم يسألوا عن المسجد الحرام، وإنما سألوا عن الشهر الحرام: هل يجوز فيه القتال؟، فقيل لهم: القتال فيه كبير (٢).
﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ ابتداء وخبر. و ﴿مِنَ﴾ متعلق بالخبر، أي: الفتنة في الدين - وهو الكفر - أعظم إثمًا من القتل في الشهر الحرام الذي سألتم عنه وأنكرتموه.
وقوله: ﴿حَتَّى يَرُدُّوكُمْ﴾ (حتى): للتعليل، كقولك: صليت حتى أدخل الجنة، أي: كي أدخلها، وهي متعلقة بـ ﴿يُقَاتِلُونَكُمْ﴾، أي: يقاتلونكم كي يردوكم.

(١) انظر هذا الإعراب وتضعيفه في البيان ١/ ١٥٣، والتبيان ١/ ١٧٥. وانظر رأي سيبويه في كتابه ١/ ٢٤٨ و ٢/ ٣٨١.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ١٤١، والمحرر الوجيز ٢/ ١٦١.


الصفحة التالية
Icon