﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ﴾: ابتداء وخبر في محل الرفع بحق خبر ﴿إِنَّ﴾.
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ قيل: سميت الخمر خمرًا لتغطيتها العقلَ والتمييزَ، وكأنها سميت بالمصدر من خَمَرَهُ خَمْرًا، إذا ستره للمبالغة (١).
والميسِرُ: القمار، مصدر من يَسَرَ، كالموعِد والمرجِع من وعد ورجع. يقال: يَسَرْتُهُ، إذا قَمَرْتُهُ (٢).
قيل: واشتقاقه إما من اليُسْر، لأنه أَخْذُ مالِ الرجل بيُسرٍ وسهولةٍ من غير كد ولا تعب (٣)، أو من اليسار؛ لأنه سَلْبُ يسارِهِ (٤).
وقيل: بل اشتقاقه من التجزئة، وكل شيء جَزأته فقد يسَّرته، ومنه: الياسِرُ الجَازِرُ (٥)، والميسر: الجَزُورُ، وهو أصل القمار (٦).
﴿إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾: مبتدأ، و (منافعُ) عطف عليه، و ﴿فِيهِمَا﴾ خبر
(٢) المصدر السابق.
(٣) هذا قول مقاتل كما في مفاتيح الغيب ٦/ ٣٩.
(٤) كذا أيضًا عند الزمخشري ١/ ١٣٢، والرازي ٦/ ٣٩.
(٥) لأنه يجزئ لحم الجزور. انظر مفاتيح الغيب ٦/ ٣٩.
(٦) انظر زاد المسير ١/ ٢٤٠ وفيه أيضًا: أن أصحاب الثروة والأجواد كانوا في الشتاء عند شدة الزمان ينحرون جزورًا، ويجزئونها أجزاء، ثم يضربون عليها بالقداح، فإذا قمر القامر، جعل ذلك لذوي الحاجة والمسكنة، وهو النفع الذي ذكره الله، وكانوا يتمادحون بأخذ القادح، ويتسابّون بتركها، ويعيبون من لا ييسر.