قال أبو جعفر رحمه الله (١): إن جعلت (ذا) بمعنى الذي كان الاختيارُ الرفعَ، وجاز النصبُ، وإن جعلت (ما) و (ذا) اسمًا واحدًا، كان الاختيار النصبَ وجاز الرفع، وحكى النحويون: ماذا تعلمتَ نحوًا أم شعرًا؟ بالنصب والرفع، انتهى كلامه (٢).
﴿كَذَلِكَ﴾: الكاف الأولى في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، أي: تَبْيِينًا مِثلَ ذلك التبيين المذكور؛ ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ﴾.
﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ (في) يحتمل أن تكون من صلة قوله: ﴿تَتَفَكَّرُونَ﴾، أي: تتفكرون في أمور الدارَين، وأن تكون من صلة قوله: ﴿يُبَيِّنُ﴾، أي: يبين الله لكم الآيات في أمر الدارين.
وقوله: ﴿قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ إصلاح: رفع بالابتداء، و ﴿لَهُمْ﴾: متعلق به، تعضده قراءة من قرأ: (قل أصلح لهم) وهو طاووس (٣).
و﴿خَيْرٌ﴾: الخبر، أي: مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم (٤).
(٢) انظر كلامه هذا في كتابه إعراب القرآن ١/ ٢٦٠.
(٣) كذا أيضًا هذه القراءة عند ابن عطية ٢/ ١٧٤، وفي المحتسب ١/ ١٢٢ و (ط): قل أصلح (إليهم). وفي الكشاف ١/ ١٣٣، والبحر المحيط ٢/ ١٦١: قل (إصلاح إليهم).
وطاووس هو ابن كيسان اليماني، تابعي ثقة مشهور، أخذ القرآن عن ابن عباس رضي الله عنهما، وتوفي سنة ست ومائة بمكة المكرمة. (غاية النهاية. طبقات ابن سعد).
(٤) كذا في الكشاف ١/ ١٣٣ أيضًا.