وقيل: هو أمر، أي: ابدؤوا باسم الله (١).
وإنما قُدِّر معنى الابتداء؛ لأن الحال تدل عليه، وقد أظهره الشاعر في قوله:

٥ - باسم الإلهِ وبه بَدِينا ولو عَبَدْنا غيرَه شَقِينا (٢)
وقيل: المضمر (أستعين) والاسم صلة (٣)، والتقدير: أستعين بالله، وفائدة الصلة: الفُرقانُ بين اليمين والتيمّن، فاعرفه، فإنّ فيه أدنَى غموض (٤). وإنما حذف ما تعلقت به الباء لكثرة الاستعمال، ومِن دَأْبِ القوم أن يخففوا ما كَثُر استعماله، ألا ترى أنهم قالوا: لم أُبَلْ، فحذفوا منه، ولَم يحذفوا من نحو: أُرامِ؛ لأن الحذف والتخفيف يليق بالذي يدوم دورانه، ويكثر استعماله، والحذف والإضمار في كلامهم لِما ذكرتُ، ولعلم المخاطب كثير (٥).
وزعم صاحب الكتاب رحمه الله: أن معنى الباء الإلصاق، تقول:
(١) كذا في تفسير الماوردي ١/ ٨، والقرطبي ١/ ٩٩ وعزياه للفراء.
(٢) وبعده:
* فحبذا ربًا وحبَّ دينا *
وهو مما كان يرتجز به النبي - ﷺ - يوم الخندق، أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٤١٤، والحارت بن أبي أسامة كما في الفتح عند شرح الحديث (٤١٠١) لذا ساقه ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث ١/ ١٠٩، وانظر البيت في مجاز أبي عبيدة ١/ ٢٠، واشتقاق أسماء الله/ ٢٤٦/ وإعراب ثلاثين سورة/ ١١/ وكلهم نسبه إلى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
(٣) يعني زيادة.
(٤) انظر في معنى هذا القول وتفصيله: مفاتيح الغيب للرازي ١/ ٩١ وعزاه لأبي عبيد، لكنه ضعفه، ومعنى قوله الفرقان بين اليمين والتيمن: أي الفرق بين القسم والتبرك.
(٥) في الكتاب لسيبويه ٤/ ٤٠٥: "وسألته عن قولهم: لم أُبَلْ، فقال: هي من باليت، ولكنهم لما أسكنوا اللام حذفوا الألف، لأنه لا يلتقي ساكنان، وإنما فعلوا ذلك في الجزم لأنه موضع حذف، فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت عندهم كنون (يكن) حين أسكنت اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن، وإنما فعلوا بهذين حيث كثر في كلامهم..) وانظر ٢/ ١٩٦ من كتاب سيبويه أيضًا، ففيه الحديث عن (لم أبل) و (لم أرام).


الصفحة التالية
Icon