ولك أن تعلقه بقوله: ﴿فَخُذْ﴾ على التقديم والتأخير، كأنه قيل: فخذ من الطير أربعة.
وقوله: ﴿مِنَ الطَّيْرِ﴾ يحتمل أن يكون جَمْعَ طائر، كتاجر وتَجْر، وأن يكون في الأصل مصدرُ طار يطير طيرًا، ككال يكيل كيلًا، ثم سُمِّيَ هذا الجنس من الحيوان به.
﴿فَصُرْهُنَّ﴾: عطف على قوله: ﴿فَخُذْ﴾. وقرئ: (فَصُرْهُنَّ) بضم الصاد وبكسرها مع تخفيف الراء وعليهما الجمهور (١). والمعنى فيهما: فأمِلْهُنَّ واضمُمْهُنَّ إليك، يقال: صاره يَصُوره ويَصِيره، إذا أماله، عن أبي عبيدة، قال الشاعر:
١٠٦ -........................ ولكنَّ أطرافَ الرماحِ تَصُورُها (٢)
ومنه الأصور: المائل العنق. فـ ﴿إِلَى﴾ على هذا متعلق بقوله: ﴿فَصُرْهُنَّ﴾، وفي الكلام حذف تقديره: فخذ أربعة من الطير فَأَمِلْهُنَّ إليك، ثم قطعهن، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا.
وعن أهل البصرة: أنهما لغتان (٣) بمعنَى الإِمالةِ والتقطيعِ. فإن كان بمعنى التقطيع: ففي الكلام تقديم وتأخير ولا حذفَ فيه، والتقدير: فخذ أربعة من الطير إليك فقطعهن. ومنهم من قال: صَاره يَصوره صوْرًا، إذا
(٢) عجز بيت للشاعر الإسلامي الأُبيرد بن المعذَّر اليربوعي، وصدره:
وما تُقْبِلُ الأحياءُ من حبّ خِنْدِفِ...............................
وهو في مجاز القرآن ١/ ٨٤، وجمهرة اللغة ٢/ ٧٤٥، والأضداد لابن الأنباري / ٣٨/، والكشاف ١/ ١٥٩، وفي المجاز والأضداد: العوالي، بدل: الرماح. وفي (ب) و (د) عن أبي عبيد.
(٣) كذا ذكره الطبري ٣/ ٥٣ عن نحويي أهل البصرة، وانظر معاني الفراء ١/ ١٧٤، ومعاني الأخفش ١/ ١٩٩، ومعاني النحاس ١/ ٢٨٧.