في الاسم واتحادُها به، فاعرفه فإنه من كلام المحققين من أصحابنا.
وهما صفتان مشتقتان من الرحمة، فالرحمن (فَعْلانُ) من رحم، كغضبانَ وسكرانَ من غضب وسكر، وكذلك الرحيم (فعيلٌ) منه، كمريض وسقيم، من مرض وسَقِم، وهما بمعنًى، كما أن ندمانًا ونديمًا كذلك.
قال أبو عبيدة مَعْمَرُ بن المثنى (١): قد يبنون الكلمتين من أصل واحد لمعنىً واحدٍ للمبالغة، وهما بمنزلة نديم وندمان، يذهب إلى أنّ معناهما واحدٌ، كما أن معنى النديم والندمان عنده واحد (٢).
وقال غيره: في ﴿الرَّحْمَنِ﴾ من المبالغة ما ليس في ﴿الرَّحِيمِ﴾ (٣).
ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الرحمن ذو الرحمة، والرحيم الراحم، ولذلك قالوا: رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة (٤).
ويقولون: إن الزيادة في البناء لزيادةِ المعنى (٥).
وعن الزجاج في الغضبان والعطشان: هما الممتلئان غضبًا وعطشًا، وكذلك الرحمن ذو النهاية في الرحمة التي وسعت كل شيء (٦). وقد مضى
(٢) هذه العبارة بكاملها هي لفظ أبي القاسم الزجاجي في اشتقاق أسماء الله ٣٨ - ٣٩ عن أبي عبيدة، والذي في مجاز أبي عبيدة ١/ ٢١ ما يلي: الرحمن مجازه: ذو الرحمة، والرحيم مجازه: الراحم، وقد يقدرون اللفظتين من لفظ واحد، والمعنى واحد، وذلك لاتساع الكلام عندهم، وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا: ندمان ونديم. قلت: وهكذا نقله الطبري في التفسير ١/ ٥٨ عن بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل، وقلّت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير. ولا يريد بذلك إلا أبا عبيدة، والله أعلم.
(٣) هذا لفظ صاحب الكشاف ١/ ٦، وانظر تفصيله في الطبري ١/ ٥٥.
(٤) اشتقاق أسماء الله ٣٩ - ٤٠.
(٥) الكشاف ١/ ٦.
(٦) كلام الزجاج هنا هو بالحرف كلام الزجاجي في اشتقاق أسماء الله / ٤٠/، وأما الذي لأبي إسحاق الزجاج فهو أخصر منه، والمعنى واحد، انظر كتابه معاني القرآن ١/ ٤٣.