وقوله: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ أصبح هنا يحتمل أن يكون بمعنى صار، أي: صرتم بعد العداوة برحمته أصدقاء مُتَأَلِّفِينَ، وأن يكون على بابه.
﴿إِخْوَانًا﴾ ﴿إِخْوَانًا﴾: خبر أصبحتم. ﴿بِنِعْمَتِهِ﴾: في موضع نصب على الحال على تقدير تقديمه على الموصوف وهو ﴿إِخْوَانًا﴾. ولك أن تجعل ﴿بِنِعْمَتِهِ﴾ الخبر، أي: أصبحتم مستقرين في نعمته ملتبسين بها، و ﴿إِخْوَانًا﴾ حالًا من المستكن في الظرف، و ﴿إِخْوَانًا﴾: جمع أخ، والإِخوانُ من الصداقة، والإِخوة من الولادة. قيل: وسمي أخًا، لأنه يَتَوَخَّى مذهب أخيه، أي: يَقْصِدُهُ (١).
وقوله: ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾ الشفا: الحَرْفُ، وشفا الحُفْرَةِ وَشَفَتُها طرفها وحرفها يُذَكَّرُ ويؤنث، ولامها واو بدلالة قولهم في تثنيته: شَفَوان، ولكونه لم تسمع فيه الإِمالة إلّا أنها في المذكر مقلوبة، وفي المؤنث محذوفة، قال الأخفش: لَمَّا لم تجز فيه الإِمالةُ عُرف أنه من الواو (٢). وقيل: هو من الياء، وإمالته جائزة، والأول هو الأشهر وعليه الأكثر (٣).
وقوله ﴿مِنَ النَّارِ﴾ في موضع النعت لحفرة.
﴿فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾: المستكن في ﴿فَأَنْقَذَكُمْ﴾ لله جل ذكره، أو لرسوله عليه الصلاة والسلام، والهاء في ﴿مِنْهَا﴾ للحفرة، أو للنار، أو للشفا، وإنما أُنِّثَ لإضافته إلى الحفرة وهو منها. والمضاف إلى المؤنث قد يؤنث وإن كان مذكرًا، كما قيل:

(١) انظر في هذا: معاني الزجاج ١/ ٤٥١.
(٢) معاني الأخفش ١/ ٢٢٨، وحكاه الجوهري في الصحاح (شفا) عنه، وبه قال النحاس ١/ ٣٥٦ أيضًا.
(٣) قدم القرطبي ٤/ ١٦٥ كونه من ذوات الواو.


الصفحة التالية
Icon