الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤)}:
قوله عز وجل: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً﴾. الضمير في ﴿لَيْسُوا﴾ لأهل الكتاب وهو اسمها، و ﴿سَوَاءً﴾ خبرها، أي: ليس أهل الكتاب مستوين.
﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾: (أُمةٌ) رفع بالابتداء، وخبره الجار قبله، أو بالجار على رأي أبي الحسن، والأصل: منهم أمة، إلا أنه وضع الظاهر موضع المضمر، وهو شائع في كلام القوم نثرهم ونظمهم.
و﴿قَائِمَةٌ﴾: نعت لأمة، أي: مستقيمة عادلة، من قولهم: أقمت العود فقام، بمعنى استقام. وعن الأخفش تقديره: ذو أمة قائمة، أي: ذو طريقة مستقيمة (١). والأمة الطريقة والدين، يقال: فلان لا أُمَّةَ له، أي: لا دِينَ له.
وعن أبي عبيدة: ﴿أُمَّةٌ﴾ اسم ليس، و ﴿سَوَاءً﴾ خبرها، والواو في ﴿لَيْسُوا﴾ كالواو في: أكلوني البراغيث، والألف في: قاما غلاماك. وهو سهو لكونه قد جرى ذكرهم، ونحو قاما غلاماك، وأكلوني البراغيث إنما يكون في ابتداء الكلام من غير جَرْيِ ذِكْرٍ (٢).
وعن الفراء: ﴿أُمَّةٌ﴾ رفع بسواء على الفاعلية، وهو سهو أيضًا، إذ لا يعود على اسم ليس من خبرها شيء (٣).
وقولة: ﴿يَتْلُونَ﴾ تحتمل أن تكون في موضع رفع على النعت لي ﴿أُمَّةٌ﴾، وأن تكون في موضع نصب على الحال: إما من المستكن في الجار والعامل فيه الجار لكونه خَلَفًا عن فعل الاستقرار، أو من المستكن في ﴿قَائِمَةٌ﴾، أو من ﴿أُمَّةٌ﴾ لكونها قد وصفت على رأي أبي الحسن، ولا

(١) كذا أيضًا عن الأخفش في معاني الزجاج ١/ ٤٥٨، وإعراب النحاس ١/ ٣٥٩. وانظر معاني الأخفش ١/ ٢٣١.
(٢) انظر مجاز القرآن ١/ ١٠١ - ١٠٢. وحكاه عنه الزجاج ١/ ٤٥٨، والنحاس ١/ ٣٥٩.
(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٢٣٠. ورَدُّ المصنف مطابق لرد النحاس ١/ ٣٥٨، ومكي ١/ ١٥٣.


الصفحة التالية
Icon