(فَلَنْ تُكْفَرُوهُ): الفاء وما بعدها جواب الشرط، قيل: وإنما عُدِّي (تُكْفَرُوهُ) إلى مفعولين، وشَكَرَ وكَفَرَ لا يتعديان إلَّا إلى واحد، تقول: شكر النعمة وكفرها، لكونه ضُمِّنَ معنى الحرمان، فكأنه قيل: فلن تحرموه، بمعنى: فلن تحرموا جزاءه (١). والهاء في (فَلَنْ تُكْفَرُوهُ) لخير.
وقرئ: (تَفعلوا) و (تُكفروه) بالتاء فيهما النقط من فوقه لقوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ (٢). وبالياء فيهما النقط من تحته لقوله: ﴿يَتْلُونَ﴾ وما بعده من لفظ الغيب (٣).
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ (شيئًا): يجوز أن يكون مفعول ﴿تُغْنِيَ﴾، وأن يكون في موضع المصدر، أي: شيئًا من الإِغناء.
﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ﴾ (مَثَلُ): مبتدأ و (ما) موصول و ﴿الدُّنْيَا﴾ نهاية صلته.
﴿كَمَثَلِ رِيحٍ﴾: الخبر، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: مَثَلُ إِهلاك الله ما ينفقون كَمَثَلِ إهلاك ريح، ثم حُذف الإِهلاك لدلالة آخِرِ الكلام

(١) القول للزمخشري ١/ ٢١١.
(٢) من الآية (١١٠) المتقدمة.
(٣) من الآية التي قبلها، والقراءتان صحيحتان، فقد قرأ الكوفيون ما عدا أبا بكر بالياء فيهما، وقرأ بقية العشرة وأبو بكر عن عاصم بالتاء فيهما. انظر السبعة/ ٢١٥/، والحجة ٣/ ٧٣، والمبسوط/ ١٦٨/، والتذكرة ٢/ ٢٩٢، والنشر ٢/ ٢٤١.


الصفحة التالية
Icon