واختلف في ﴿مِنْ﴾ فقيل: للتبعيض، كأنه قيل: لا تتخذوا بعض غير جنسكم بطانة.
وقيل: للتبيين كالتي في قوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (١).
وقيل: مزيدة، أي: بطانة دونكم في العمل والإِيمان (٢).
وبطانة الرجل ووليجته: صفِيُّهُ الذي يُطلعه على باطن الأمر، من بَطَنْتُ هذا الأمر، إذا عرفتَ باطنه، ومنه ﴿وَالْبَاطِنُ﴾ في صفة الله جل وعز، وهي في الأصل مصدر، ولذلك تأتي للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث.
وقوله: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾. (لا يألونكم): في موضع نصب إما على الصفة لبطانة، أو على الحال إما من البطانة لكونها قد وصفت، أو من المستكن في الظرف وهو ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾، أي: غير مقصريكم خبالًا. والمعنى: لا يقصرون في أمركم خبالًا.
يقال: أَلَا في الأمر يألو، إذا قَصَّرَ فيه، واختُلف فيه:
فقيل: يتعدى إلى مفعولين، وقد استعملته العرب مُعَدَّى إليهما في قولهم: لا آلوك نصحًا، ولا آلوك جهدًا، على التضمين، والمعنى: لا أمنعك نصحًا ولا أنقصكه (٣).
وقيل: إلى مفعول واحد بغير الجار، وإلى الثاني به.
وقيل: إلى مفعول واحد.
فخبالًا على الوجه الأول: مفعول ثان، وعلى الثاني: نصب على إسقاط الجار، وعلى الثالث: تمييز، وقيل: مصدر في موضع الحال (٤).
(٢) نص الرازي في مفاتيح الغيب ٨/ ١٧٣ على المعنيين: الثاني والثالث. وانظر التبيان ١/ ٢٨٧.
(٣) كذا في الكشاف ١/ ٢١٣.
(٤) انظر هذه الأقوال في البحر المحيط ٣/ ٣٨ - ٣٩ أيضًا.