بمعنى: مُعْلَمِينَ بعلامة يُعْرَفُون بها في الحرب.
﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ﴾ جعل هنا بمعنى صير، ولذلك عُدِّي إلى مفعولين، أحدهما: الهاء، والثاني: ﴿إِلَّا بُشْرَى﴾. والبشرى: اسم للإِبشار، أو التبشير.
والهاء في ﴿جَعَلَهُ﴾ للإمداد، دل عليه ﴿أَنْ يُمِدَّكُمْ﴾ (١)، أي: وما صيَّر الإِمداد بالملائكة إلا بشارة لكم بأنكم تنصرون.
وقيل: للإِنزال، دل عليه ﴿مُنْزَلِينَ﴾ (٢). وقيل: للتسويم، دل عليه ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ (٣). وقيل: للعدد دل عليه ﴿بِخَمْسَةِ آلَافٍ﴾ (٤)، لأن ذلك عدد (٥).
فإن قلت: هل يجوز أن يكون جعل هنا بمعنى عمل، و ﴿إِلَّا بُشْرَى﴾ مفعولًا من أجله، أو بدلًا من الهاء في ﴿جَعَلَهُ﴾؟ قلت: لا يبعد ذلك (٦).
قوله: ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ﴾. (ولتطمئن): على الوجه الأول متعلق بفعلٍ دل عليه ﴿إِلَّا بُشْرَى﴾، أي: وللطمأنينة بَشَّرَكُمْ به، وعلى الوجه الثاني وهو أن تجعل ﴿إِلَّا بُشْرَى﴾ مفعولًا من أجله عَطْف على ﴿بُشْرَى﴾، كأنه قيل: وما جعله إلا بشارةً وطمأنينةً لقلوبكم.
﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (١٢٧)﴾:
(٣) و (٤) من الآية (١٢٥) السابقة.
(٥) انظر هذه الأقوال في عود هاء (جعله): مشكل إعراب القرآن ١/ ١٥٧، والبيان ١/ ٢٢٠.
(٦) أجازه صاحب التبيان أيضًا ١/ ٢٩١.