قوله عز وجل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾. (شيءٌ): اسم ليس، وخبرها ﴿لَكَ مِنَ الْأَمْرِ﴾ كلاهما. ولك أن تجعل ﴿مِنَ الْأَمْرِ﴾ في محل النصب على الحال على تقدير تقديمه على الموصوف وهو شيء، و ﴿لَكَ﴾ الخبر.
وقوله: ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ عطف على قوله: ﴿لِيَقْطَعَ﴾ (١)، ﴿أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾. و ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾: فاصل بين المعطوف والمعطوف عليه، كما تقول: أعطيت زيدًا درهمًا فاعرفه وبكرًا. على معنى: أن الله يفعل بعباده ما يريد، فإما أن يستأصلهم، أو يذلهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصروا على ما هم عليه، ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ إنما أنت عبد مأمور بتبليغ ما أمرت به، كقوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ (٢) ﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ (٣).
وقيل: ﴿أَوْ يَتُوبَ﴾ نصب بإضمار أن، و (أن يتوب) في حكم اسم معطوف بأو على ﴿الْأَمْرِ﴾، أو على ﴿شَيْءٌ﴾، أي: ليس لك من أمرهم شيء، أو من التوبة عليهم، أو من تعذيبهم.
وقيل: ﴿أَوْ﴾ بمعنى إلا أن، أي: ليس لك من أمرهم شيء إلا أن يتوب الله عليهم فتسر بحالهم، أو يعذبهم فَتَشَفَّى منهم (٤).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)﴾:
(٢) سورة الرعد، الآية: ٧.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦٧.
(٤) اقتصر الفراء ١/ ٢٣٤، والزجاج ١/ ٤٦٨ على الوجهين: الأول والثالث. ولم يعرب مكي ١/ ١٥٨ إلا بالوجه الأول والثاني.