العيب (١)، ومنه قولهم: اللهم مَحِّصْ عنا ذنوبنا (٢)؛ أي: أذهبها. والمَحْقُ: الإِهلاك هنا.
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)﴾
قوله عز وجل: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ (أم) هنا منقطعة بمعنى بل، والهمزة فيها للإنكار. ﴿أَنْ تَدْخُلُوا﴾: أن وما اتصل بها سدت مسد المفعولين عند صاحب الكتاب، وعند أبي الحسن: المفعول الثاني محذوف، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٣).
﴿وَلَمَّا﴾ و (لم) سِيَّانِ في العمل، إلَّا أن (لَمَّا) جواب لمن قال: قد فعل. و (لم): جواب لمن قال: فعل بغير قد، و (ما فعل) جواب لمن قال: لقد فعل، فاعرفه فإنه من قول المحققين من أصحابنا (٤).
والجمهور على كسر الميم في ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ لالتقاء الساكنين، وقرئ: (ولما يعلمَ الله) بفتح الميم (٥) على إرادة النون الخفيفة، أي: ولما يعلمَنْ، ثم حذفت النون.
وقوله: ﴿وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ نصب بإضمار أن، والواو بمعنى الجمع كالتي في قولك: لا تأكل السمكَ وتشربَ اللبنَ.
قال أبو إسحاق رحمه الله: ولما يقع العلم بالجهاد والعلم بصبر الصابرين، أي: ولما يعلم الله ذلك واقعًا منهم؛ لأنه يعلمه غيبًا، وإنما

(١) معجم العين ٣/ ١٢٧.
(٢) انظر الكامل ١/ ٢٧٧، وزاد المسير ١/ ٤٦٧.
(٣) عند إعراب الآية (٢١٤) من البقرة، وقد خرجت القولين هناك.
(٤) انظر الكتاب ٤/ ٢٢٠ - ٢٢٣، والزجاج ١/ ٤٧٢ - ٤٧٣، والنحاس ١/ ٣٦٧.
(٥) نسبها ابن عطية ٣/ ٢٤٤ إلى يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي. وانظر البحر ٣/ ٦٦.


الصفحة التالية
Icon