الجاهلية، و ﴿غَيْرَ الْحَقِّ﴾ تأكيد لـ ﴿يَظُنُّونَ﴾، كقولك: هذا القول غير ما تقول، وهذا القول لا قولك، انتهى كلامه (١).
﴿غَيْرَ الْحَقِّ﴾: نعت لمحذوف، وهو المفعول الأول ليظنون، و ﴿بِاللَّهِ﴾ الثاني، كقولك: ظننت بزيد الباطل، أي: أمرًا غير الحق، أي: الباطل.
و﴿ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾: مِثل قولك: ضربتُه ضربَ الأميرِ اللصَّ، أي: ظنًّا مثل ظن أهل الجاهلية، والتأنيث للحالة، أو الأيام، أو الأفعال.
والجاهلية: زمان الفترة قبل الإسلام، كذا ذُكِرَ في التفسير (٢).
وقوله: ﴿هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (مِن) الأولى للتبعيض، والثانية مزيدة، و ﴿شَيْءٍ﴾ مبتدأ، وخبره ﴿لَنَا﴾، و ﴿مِنَ الْأَمْرِ﴾ حال من ﴿شَيْءٍ﴾ لتقدمه عليه، كقولك: رأيت من الكرام رجلًا. والاستفهام هنا بمعنى النفي، أي: ليس لنا شيء من هذا الأمر، بل نحن مقهورون قد سُلِبنا الاختيار.
ولك أن تجعل ﴿مِنَ الْأَمْرِ﴾ الخبر، ويكون ﴿لَنَا﴾ تبيينًا، والمعنى منوط به، كقولك: لم يكن لي عندك مال، وقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ (٣)، وهو متعلق بما تعلق به الخبر، أعني ﴿لَنَا﴾.
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾ قرئ: (كلَّه) بالنصب على أنه تأكيد للأمر، وقال أبو الحسن: هو بدل من الأمر (٤). والأول أجود وعليه الأكثر، وبالرفع (٥) على أنه مبتدأ، والخبر ﴿لِلَّهِ﴾، والجملة في موضع رفع بخبر إن.

(١) الكشاف ١/ ٢٢٤.
(٢) انظر تفسير ابن عطية ٣/ ٢٧٠.
(٣) سورة الإخلاص، الآية: ٤.
(٤) كذا في معانيه ١/ ٢٣٦ كوجه، لكنه قال بعده: التوكيد أجود وبه نقرأ.
(٥) قرأها البصريان، وقرأ الباقون بالنصب. انظر السبعة/ ٢١٧/، والحجة ٣/ ٩٠، والمبسوط/ ١٧٠/، والتذكرة ٢/ ٢٩٧.


الصفحة التالية
Icon