نَقْضِهِمْ} (١)، و: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ (٢). وسئل بعض أهل العلم عن معنى التوكيد في مثل هذا، وما الذي زاده (ما) من المعنى الذي لا يوجد مع حذفها؟ فقال: هذا شيء يعرفه أهل الطباع، فيقولون: نجد أنفسنا مع وجود (ما) على خلاف ما نجدها بحذفها، ثم قال: مَثَلُ ذلك مَثَلُ العالم بوزن الشعر طبعًا، فإذا انكسر البيت قال: أجد نفسي على خلاف ما أجدها مع تمامه، لا يَقْدِرُ يَزيدُ على هذا (٣)، وقد ذكرت هذا في "البقرة" عند تقسيم الماءات بأشبع من هذا (٤).
وعن ابن كيسانَ وغيره: أن (ما) اسم نكرة في موضع جر بالباء، و ﴿رَحْمَةٍ﴾ بدل من (ما) أو نعت لها (٥).
وقد أجيز رفع ﴿رَحْمَةٍ﴾ على أن تكون (ما) موصولة ويُضمر (هو) في الصلة، أي: فبالذي هو رحمة من الله، كما قرئ: (تمامًا على الذي أحسنُ) (٦).
وأصل لِنْتَ: لَيِنت، وكان الأصل: لَيَنْتَ، ثم نقل فَعَلْتَ إلى فَعِلْتَ لتدلَّ على ذوات الياء، كما نُقِلَ ذواتُ الواو من فَعَلْتُ إلى فَعُلْتُ لتدل على الواو، فالكسرة التي في ﴿لِنْتَ﴾ هي حركة العين من الفعل، كالتي في باء بِعْتُ، وفي هذا كلامٌ وتفصيلٌ لا يليق ذكره هنا.
وقوله: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. (فظًا): خبر
(٢) سورة المؤمنون، الآية: ٤٠.
(٣) كذا العبارة في الأصول.
(٤) انظر إعرابه للآية (٤) منها.
(٥) حكاه مكي ١/ ١٦٥ عن ابن كيسان.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ١٥٤. ونسبت القراءة إلى ابن يعمر، وابن أبي إسحاق. انظر المحتسب ١/ ٢٣٤، والقرطبي ٧/ ١٤٢، وانظر هذا الإعراب في مشكل مكي ١/ ١٦٥. وهو للزجاج ١/ ٤٨٢ قبله.