والثاني: أنه في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف (١). وفي ذلك أوجه:
أحدها: تقديره: لن تغني عنهم عند حلول النقمة والعقوبة إغناءً مثل ما لم تغن عن آل فرعون.
والثاني: تقديره: توقد بهم النار إيقادًا مثل ما توقد بآل فرعون، أو عذبوا تعذيبًا مثل تعذيب آل فرعون، دل عليه قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ (٢).
والثالث: تقديره: كفرت العرب كفرًا مثل كفر آل فرعون، فإن قلت: لا يصح هذا التقدير لما فيه مِن التفرقة بين الصلة والموصول، وذلك أن ﴿كَفَرُوا﴾ داخل في صلة ﴿الَّذِينَ﴾، والكاف من ﴿كَدَأْبِ﴾ خارجة منها، وإذا علقتَها بقوله: ﴿كَفَرُوا﴾ فرقتَ بينهما وذلك لا يجوز. قلت: بلى، لأني ما علقتها بما في الصلة، ولكن بفعل دل عليه ما في الصلة.
والرابع: تقديره: بَطَلَ انتفاعُهم بالأموال والأولاد بطلانًا مثل دأب آل فرعون.
وفيه تقديرات أخر أضربت عنها لعدم الفائدة فيها، وكثرة الأسئلة عليها والأجوبة عنها بما يطول به الكتاب (٣).
والدأب بسكون العين وفتحها: العادة، يقال: دَأَبَ يَدْأَبُ دأْبًا ودأَبًا، إذا اعتاد الشيء وتمرن عليه.
﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾: عطف على: ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾.
(٢) من الآية التي قبلها.
(٣) أوصلها السمين ٣/ ٣٧ إلى تسعة أوجه.