الضمير المجرور في ﴿بِأَفْوَاهِهِمْ﴾، أو ﴿قُلُوبِهِمْ﴾.
﴿وَقَعَدُوا﴾: في موضع حال، وقد معه مرادة، أي: قالوا وقد قعدوا عن القتال: لو أطاعنا إخواننا فيما أمرناهم به من القعود ووافقونا فيه، لما قتلوا كما لم نقتل.
وقد جوز أن يكون ﴿وَقَعَدُوا﴾ من جملة الصلة عطفًا على ﴿قَالُوا﴾ عاريًا من الإِعراب (١).
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ الخطاب لرسول الله - ﷺ -، أو لكل أَحَدٍ. و ﴿الَّذِينَ﴾ مفعولٌ أولُ للحسبان، و ﴿أَمْوَاتًا﴾ ثانٍ.
وقرئ: (ولا يحسبن) بالياء النقط من تحته (٢) على إسناد الفعل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، أو إلى كل حاسب كالقراءة بالتاء. وقد جُوّز أن يكون مسندًا إلى ﴿الَّذِينَ﴾، على تقدير: ولا يحسبن الذين قُتلوا أنفسَهم أمواتًا، وجاز حذف المفعول الأول؛ لأنه في الأصل مبتدأ، فحذف كما حذف المبتدأ في قوله: ﴿أَحْيَاءٌ﴾ أي: هم أحياء، لدلالة الكلام عليهما (٣).
والجمهور على رفع ﴿أَحْيَاءٌ﴾ على إضمار المبتدأ، وقرئ: (أحياءً) بالنصب (٤) على إضمار فعل دل عليه ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾، أي: بَلِ احْسَبْهُمْ أحياءً، غير أن هذا الحسبان المضمر تضمنه معنى التحقيق واليقين بخلاف الأول، كقوله تعالى: (وَحَسِبُوا ألَّا تَكُونُ فِتْنَةٌ) (٥) على قراءة من رفع

(١) انظر وجهي الإعراب لجملة (وقعدوا): البيان ١/ ٣٠٩ أيضًا.
(٢) رواية هشام عن ابن عامر باختلاف. انظر النشر ٢/ ٢٤٤.
(٣) انظر الكشاف ١/ ٢٣٠.
(٤) نسبها ابن عطية ٣/ ٢٩٣ إلى ابن أبي عبلة. وانظر البحر ٣/ ١١٣.
(٥) سورة المائدة، الآية: ٧١.


الصفحة التالية
Icon