وقوله: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ﴾ عطف على ﴿فَرِحِينَ﴾؛ لأن فرحين ويفرحون سِيّان. ولك أن تجعله مستأنفًا على تقدير: وهم يستبشرون. ويحتمل أن يكون عطفَ جملةٍ على جملة، فيكون محلها نصبًا على الحال.
وقوله: ﴿بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ كلاهما متعلق بقوله: ﴿لَمْ يَلْحَقُوا﴾.
قوله: ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ بدل من ﴿الَّذِينَ﴾، وهو بدل الاشتمال، أي: ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم من إخوانهم المؤمنين، وهو أنهم يبعثون آمنين يوم القيامة.
و(أن) (١) مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر، أي: أنه لا خوفٌ عليهم، وقيل: (أن) مصدرية (٢)، والتقدير: بِألَّا، فيكون في موضع نصب لعدم الجار أو جر على إرادته، على الخلاف المذكور في غير موضع (٣).
﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ﴾ قيل: كُرر للتأكيد وليعلق به ما هو بيان لقوله: ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٤) مِن ذِكرِ النعمة والفضل.
﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ قرئ: بالفتح (٥) عطفًا على النعمة والفضل، وبالكسر (٦) على الاستئناف، تعضده قراءة من قرأ: (والله لا يضيع أجر المؤمنين) وهو عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (٧).

(١) يعني المدغمة في (لا) من قوله: (ألّا).
(٢) اقتصر عليه العكبري ١/ ١٠٣١٠
(٣) اقتصر الزجاج ١/ ٤٨٩ على الخفض، وتبعه مكي ١/ ١٦٦ لكنه جوز النصب.
(٤) من الآية السابقة.
(٥) هي قراءة العشرة غير الكسائي كما سيأتي.
(٦) قرأها الكسائي وحده. انظر السبعة / ٢١٩/، والحجة ٣/ ٩٨، والمبسوط/ ١٧١، والتذكرة ٢/ ٢٩٨.
(٧) كذا أيضًا في معاني الفراء ١/ ٢٤٧، ومعاني الزجاج ١/ ٤٨٩، والكشاف ١/ ٢٣٠، وفي الأصول: (أجر المحسنين) بدل (أجر المؤمنين). وهو سبق قلمه والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon